الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأذن في الناس أي أعلمهم وناد فيهم بالحج وهو قصد البيت على سبيل التكرار لعبادة المخصوصة بالمشاعر المنصوصة يأتوك أي يأتوا بيتك الذي بنيته لذلك، مجيبين لصوتك بإذننا سامعين طائعين مخبتين خاشعين من أقطار الأرض كما يجيبون صوت الداعي من قبلنا إذا دعاهم بمثل ذلك بعد الموت رجالا أي مشاة على أرجلهم وعلى كل ضامر أي هزيل من طول السير من الإبل لبعد الشقة وعظم المشقة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الضامر يطلق على كل من الذكر والأنثى من الجمال، وكانت الأنثى أضعف النوعين، فكان الحكم عليها بالإتيان المذكور حكما على الذكر الذي هو أشد بطريق الأولى، أسند إلى ضميرها فقال معبرا بما يدل على التجدد والاستمرار، واصفا الضوامر التي أفهمتها "كل" يأتين أي الضوامر من كل فج أي طريق واسع بين جبلين عميق أي بعيد منخفض بالنسبة إلى علو جباله. قال أبو حيان : أصله البعد سفلا - انتهى. حفاة عراة، ينتقلون من مشعر من مشاعر [ ص: 38 ] الحج إلى مشعر، ومن مشهد إلى مشهد، مجموعين بالدعوة، خاشعين للهيبة، خائفين من السطوة، راجين للمغفرة، ثم يتفرقون إلى مواطنهم، ويتوجهون إلى مساكنهم، كالسائرين إلى مواقف الحشر، يوم البعث والنشر، المتفرقين إلى داري النعيم والجحيم، فيا أيها المصدقون بأن خليلنا إبراهيم عليه السلام نادى بالحج فأجابه بقدرتنا كرامة له من أراد الله حجه على بعد أقطارهم، وتنائي ديارهم، ممن كان موجودا في ذلك الزمان، وممن كان في ظهور الآباء الأقربين أو الأبعدين! صدقوا أن الداعي من قبلنا بالنفخ في الصور يجيبه كل من كان على ظهرها ممن حفظنا له جسده، أو سلطنا عليه الأرض فمزقناه حتى صار ترابا، وما بين ذلك، لأن الكل علينا يسير.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية