الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5630 باب عقوق الوالدين من الكبائر

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان أن عقوق الوالدين من الكبائر، وقال بعضهم: "باب" بالتنوين، قلت: لا يصح بالتنوين إلا بشيء مقدر; لأن شرط الإعراب التركيب، والعقوق مشتق من العق، وهو الشق والقطع، وقد فرق الجوهري بين مصدر قوله: عق عن ولده، وبين مصدر: عق والده؛ فقال: وعق عن ولده يعق عقا؛ إذا ذبح عنه يوم أسبوعه، وكذلك إذا حلق عقيقته. وعق والده عقوقا ومعقة فهو عاق وعقق، والجمع: عققة؛ مثل: كفرة. وأما صاحب (المحكم) فصدر كلامه بالتسوية بينهما، وقال: عقه يعقه عقا فهو معقق وعقيق؛ شقه، قال: وعق عن ابنه يعق، ويعق: حلق عقيقته، أو ذبح عنه شاة، واسم تلك الشاة: العقيقة. قال: وعق والده يعقه عقوقا؛ شق عصا طاعته. قال: ورجل عقق وعقق وعق وعاق. وقال ابن الأثير: عق والده؛ إذا آذاه وعصاه وخرج عليه؛ قال: وهو ضد البر. وقال ابن دقيق العيد: ضبط الواجب من الطاعة لهما والمحرم من العقوق ما لهما فيه عسر، ورتب العقوق مختلفة.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد السلام: لم أقف في عقوق الوالدين ولا فيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمد عليه، فأيما يحرم في حق الأجانب فهو حرام في حقهما، وما يجب للأجانب فهو واجب لهما، ولا يجب على الولد طاعتهما في كل ما يأمران به، ولا في كل ما ينهيان عنه، باتفاق العلماء. وقال الشيخ تقي الدين السبكي: إن ضابط العقوق: إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى، قل أو كثر، نهيا عنه أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران أو ينهيان، بشرط انتفاء المعصية في الكل. وحكى قول الغزالي: أن أكثر العلماء على وجوب طاعتهما في الشبهات، ووافقهما عليه. وحكى قول الطرطوسي من المالكية: أنهما إذا نهياه عن سنية راتبة المرة بعد المرة؛ أطاعهما، وإن كان ذلك على الدوام؛ فلا طاعة لهما فيه لما فيه من إماتة الشرع، ووافقه على ذلك أيضا.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية