الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              38 (باب من لقي الله تعالى بالإيمان غير شاك فيه دخل الجنة)

                                                                                                                              وقال النووي «باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا» .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 217 - 218 ج1 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عثمان ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة .]

                                                                                                                              [ ص: 87 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 87 ] (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي: مذهب أهل السنة وما عليه أهل الحق من السلف والخلف أن من مات موحدا، دخل الجنة قطعا على كل حال. فإن كان سالما من المعاصي كالصغير، والمجنون الذي اتصل جنونه بالبلوغ؛ والتائب توبة صحيحة من الشرك أو غيره من المعاصي؛ إذا لم يحدث معصية بعد توبة، والموفق الذي لم يبتل بمعصية أصلا، فكل هذا الصنف يدخلون الجنة، ولا يدخلون النار أصلا، لكنهم يرونها على الخلاف المعروف في الورود، والصحيح أن المراد به «المرور على الصراط» وهو منصوب على ظهر جهنم أعاذنا الله منها ومن سائر المكروه.

                                                                                                                              وأما من كانت له معصية كبيرة ومات من غير توبة، فهو في مشيئة الله، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولا وجعله كالقسم الأول، وإن شاء عذبه القدر الذي يريده سبحانه وتعالى، ثم يدخله الجنة؛ فلا يخلد في النار أحد مات على التوحيد، ولو عمل من المعاصي ما عمل؛ كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر، ولو عمل من أعمال البر ما عمل.

                                                                                                                              هذا مختصر جامع لمذهب أهل الحق في هذه المسألة. وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به من الأمة، على هذه القاعدة، وتواترت بذلك نصوص تحتمل العلم القطعي، فإذا تقررت هذه القاعدة حمل عليها جميع ما ورد من أحاديث الباب وغيره، فإذا ورد حديث في ظاهره مخالفة وجب تأويله عليها، ليجمع بين نصوص الشرع.




                                                                                                                              الخدمات العلمية