الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد

                                                                                                                                                                                                "ألقيا" خطاب من الله تعالى للملكين السابقين: السائق والشهيد، ويجوز أن يكون خطابا للواحد على وجهين: أحدهما قول المبرد : إن تثنية الفاعل نزلت منزلة تثنية الفعل لاتحادهما، كأنه قيل: ألق ألق: للتأكيد. والثاني: أن العرب أكثر ما يرافق الرجل منهم اثنان، فكثر على ألسنتهم أن يقولوا: خليلي وصاحبي، وقفا وأسعدا، حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين، عن الحجاج أنه كان يقول: يا حرسي، اضربا عنقه. وقرأ الحسن: (ألقين) بالنون الخفيفة. ويجوز أن تكون الألف في "ألقيا" بدلا من النون: إجراء للوصل مجرى الوقف "عنيد" معاند مجانب للحق معاد لأهله مناع للخير كثير المنع للمال على حقوقه، جعل ذلك عادة له لا يبذل منه شيئا قط، أو مناع لجنس الخير أن يصل إلى أهله يحول بينه وبينهم. قيل: نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يمنع بني أخيه من الإسلام، وكان يقول: من دخل معكم فيه لم أنفعه بخير ما عشت "معتد" ظالم متخط للحق "مريب" [ ص: 600 ] شاك في الله وفى دينه الذي جعل مبتدأ مضمن معنى الشرط، ولذلك أجيب بالفاء. ويجوز أن يكون الذي جعل منصوبا بدلا من كل كفار ويكون "فألقياه" تكريرا للتوكيد.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية