الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 493 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب ( 110 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مسليا نبيه في تكذيب مشركي قومه إياه فيما أتاهم به من عند الله ، بفعل بني إسرائيل بموسى فيما أتاهم به من عند الله . يقول له تعالى ذكره : ولا يحزنك ، يا محمد ، تكذيب هؤلاء المشركين لك ، وامض لما أمرك به ربك من تبليغ رسالته ، فإن الذي يفعل بك هؤلاء من ردذ ما جئتهم به عليك من النصيحة من فعل ضربائهم من الأمم قبلهم وسنة من سنتهم .

ثم أخبره جل ثناؤه بما فعل قوم موسى به فقال : ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) ، يعني : التوراة ، كما آتيناك الفرقان ، فاختلف في ذلك الكتاب قوم موسى ، فكذب به بعضهم وصدق به بعضهم ، كما قد فعل قومك بالفرقان من تصديق بعض به ، وتكذيب بعض ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) ، يقول تعالى ذكره : ولولا كلمة سبقت ، يا محمد ، من ربك بأنه لا يعجل على خلقه العذاب ، ولكن يتأنى حتى يبلغ الكتاب أجله ( لقضي بينهم ) ، يقول : لقضي بين المكذب منهم به والمصدق ، بإهلاك الله المكذب به منهم ، وإنجائه المصدق به ( وإنهم لفي شك منه مريب ) ، يقول : وإن المكذبين به منهم لفي شك من حقيقته أنه من عند الله ( مريب ) ، يقول : يريبهم ، فلا يدرون أحق هو أم باطل؟ ولكنهم فيه ممترون .

التالي السابق


الخدمات العلمية