الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا

                                                                                                                                                                                                                                        (40) يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله وتنزهه عما يضاد ذلك من الظلم القليل والكثير فقال: إن الله لا يظلم مثقال ذرة أي: ينقصها من حسنات عبده أو يزيدها في سيئاته، كما قال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

                                                                                                                                                                                                                                        وإن تك حسنة يضاعفها أي إلى عشرة أمثالها إلى أكثر من ذلك بحسب حالها ونفعها وحال صاحبها إخلاصا ومحبة وكمالا.

                                                                                                                                                                                                                                        ويؤت من لدنه أجرا عظيما أي زيادة على ثواب العمل بنفسه من التوفيق لأعمال أخر وإعطاء البر الكثير والخير الغزير.

                                                                                                                                                                                                                                        (41) ثم قال تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا أي: كيف تكون تلك الأحوال وكيف يكون ذلك الحكم العظيم الذي جمع أن من حكم به كامل العلم كامل العدل كامل الحكمة بشهادة أزكى الخلق وهم الرسل على أممهم مع إقرار المحكوم عليه؟" فهذا -والله- الحكم الذي هو أعم الأحكام وأعدلها وأعظمها.

                                                                                                                                                                                                                                        وهناك يبقى المحكوم عليهم مقرين له لكمال الفضل والعدل والحمد والثناء وهناك يسعد أقوام بالفوز والفلاح والعز والنجاح ويشقى أقوام بالخزي والفضيحة والعذاب المهين.

                                                                                                                                                                                                                                        (42) ولهذا قال: يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول أي: جمعوا بين الكفر بالله وبرسوله ومعصية الرسول لو تسوى بهم الأرض أي: تبتلعهم ويكونون ترابا وعدما كما قال تعالى: ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ولا يكتمون الله حديثا أي: بل يقرون له بما عملوا وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله جزاءهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين.

                                                                                                                                                                                                                                        فأما ما ورد من أن الكفار يكتمون كفرهم وجحودهم فإن ذلك يكون في بعض مواضع القيامة حين يظنون أن جحودهم ينفعهم [ ص: 308 ] من عذاب الله فإذا عرفوا الحقائق وشهدت عليهم جوارحهم حينئذ ينجلي الأمر ولا يبقى للكتمان موضع ولا نفع ولا فائدة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية