الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3222 ) الفصل الثاني ، أنه لا بد من السلم كون الأجل معلوما السلم ; لقوله تعالى : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إلى أجل معلوم " . ولا نعلم في اشتراط العلم في الجملة اختلافا فأما كيفيته فإنه يحتاج أن يعلمه بزمان بعينه لا يختلف ، ولا يصح أن يؤجله بالحصاد والجزاز وما أشبهه .

                                                                                                                                            وكذلك قال ابن عباس ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وابن المنذر . وعن أحمد ، رواية أخرى ، أنه قال : أرجو أن لا يكون به بأس . وبه قال مالك وأبو ثور وعن ابن عمر : أنه كان يبتاع إلى العطاء . وبه قال ابن أبي ليلى . وقال أحمد : إن كان شيء يعرف فأرجو ، وكذلك إن قال : إلى قدوم الغزاة . وهذا محمول على أنه أراد وقت العطاء ; لأن ذلك معلوم فأما نفس العطاء فهو في نفسه مجهول يختلف ويتقدم ويتأخر . ويحتمل أنه أراد نفس العطاء ; لكونه يتفاوت أيضا ، فأشبه الحصاد .

                                                                                                                                            واحتج من أجاز ذلك ، بأنه أجل يتعلق بوقت من الزمن ، يعرف في العادة ، لا يتفاوت فيه تفاوتا كثيرا ، فأشبه إذا قال : إلى رأس السنة . ولنا ما روي عن ابن عباس ، أنه قال : لا تتبايعوا إلى الحصاد والدياس ، ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم . ولأن ذلك يختلف ويقرب ويبعد ، فلا يجوز أن يكون أجلا كقدوم زيد . فإن قيل : فقد روي عن عائشة أنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم { بعث إلى يهودي ، أن ابعث إلي بثوبين إلى الميسرة } . قلنا : قال ابن المنذر : رواه حرمي بن عمارة . قال أحمد : فيه غفلة ، وهو صدوق . قال ابن المنذر : فأخاف أن يكون من غفلاته ، إذ لم يتابع عليه ، ثم لا خلاف في أنه لو جعل الأجل إلى الميسرة لم يصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية