الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( : ويثبت بشهادة أربعة بالزنا لا بالوطء ، والجماع ) أي يثبت الزنا عند الحاكم ظاهرا بشهادة أربعة من الرجال يشهدون بلفظ الزنا لا بلفظ الوطء ، والجماع لقوله تعالى { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وقال تعالى { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } { وقال عليه السلام للذي قذف امرأته ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك } ولأن في اشتراط الأربع تحقيق معنى الستر وهو مندوب إليه بقوله عليه السلام { من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة } ، والإشاعة ضده فعلى هذا فالشهادة بالزنا خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه ; لأنها في رتبة الندب في جانب الفعل وكراهة التنزيه في جانب الترك ويجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد بالزنا ولم يتهتك به أما إذا وصل الحال إلى إشاعته ، والتهتك به بل بعضهم ربما افتخر به فيجب كون الشهادة أولى من تركها ; لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض عن المعاصي والفواحش ، وذلك يتحقق بالتوبة من الغافلين وبالزجر لهم ، فإذا أظهر حال الشره في الزنا مثلا ، والشرب وعدم مبالاته فإخلاء الأرض حينئذ بالحدود وعلى هذا ذكره في غير مجلس القاضي وأداء الشهادة بمنزلة الغيبة فيه يحرم منه ما يحرم منها ويحل منه ما يحل منها وسيأتي في الشهادات أنه لا بد من الذكورة في الشهود لإدخال التاء في العدد في المنصوص وأطلقهم فشمل ما إذا كان الزوج أحدهم خلافا للشافعي هو يقول هو متهم ونحن نقول التهمة ما توجب جر نفع ، والزوج مدخل على نفسه بهذه الشهادة لحوق العار وخلو الفراش خصوصا إذا كان له منها أولاد وقيده في الظهيرية بأن لا يكون الزوج قذفها فلو كان قد قذفها وشهد بالزنا ومعه ثلاثة حد الثلاثة للقذف وعلى الزوج اللعان ; لأن شهادة الزوج لم تقبل لمكان التهمة ; لأنه بشهادته يسعى في دفع اللعان عن نفسه ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا لو قال بعض الشهود إن فلانا قد زنى أو قال له زنيت ثم جاء وشهد عند القاضي لا تقبل شهادته لما ذكر في الزوج وفي المحيط ولو شهدوا على المرأة أحدهم زوجها بالزنا بابن زوجها مطاوعة لا تجوز شهادة الزوج دخل بها أو لم يدخل لوجود التهمة ; لأنه ربما يريد إسقاط المهر قبل الدخول وإسقاط النفقة بعد الدخول ويحد الثلاثة ولا يحد الزوج ا هـ .

                                                                                        ولا بد من اتحاد المجلس لصحة الشهادة حتى لو شهدوا متفرقين لا تقبل شهادتهم لقول عمر رضي الله عنه لو جاءوا مثل ربيعة ومضر فرادى لجلدتهم وفي الظهيرية لو جاءوا متفرقين يحدون حد القذف ولو جاءوا فرادى وقعدوا مقعد الشهود وقام إلى القاضي واحد بعد واحد قبلت شهادتهم ، وإن كان خارج المسجد حدوا جميعا ا هـ .

                                                                                        وإنما اشترط لفظ الزنا ; لأنه هو الدال على فعل الحرام لا لفظ الوطء ، والجماع وظاهر كلام المصنف أنه لا يقوم لفظ مقام لفظ الزنا فلو شهدوا أنه وطئها وطئا محرما لا يثبت به وأشار بقوله بالزنا إلى أنه لو شهد رجلان أنه زنى وآخران أنه أقر بالزنا ، فإنه لا يحد قال في الظهيرية ولا تحد الشهود أيضا .

                                                                                        وإن شهد ثلاثة بالزنا وشهد الرابع على الإقرار بالزنا فعلى الثلاثة الحد ا هـ . ; لأن شهادة الواحد [ ص: 6 ] على الإقرار لا تعتبر فبقي كلام الثلاثة قذفا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وظاهر كلام المصنف أنه لا يقوم لفظ مقام لفظ الزنا ) هذا في غير الوطء والجماع أما فيهما فكلام المصنف صريح في عدم قيامهما مقام الزنا كما لا يخفى




                                                                                        الخدمات العلمية