الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[عتقاء الله : ]

276 - حدثنا إسحاق ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا خلص المؤمنون من النار ، وأمنوا ، فما مجادلة أحدكم لصاحبه بالحق ، يكون له في الدنيا ، بأشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار ، يقولون : ربنا! إخواننا كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويحجون معنا ، أدخلتهم النار ؟ ! فيقول الله : " اذهبوا ، فأخرجوا من عرفتم منهم ، فيعرفونهم بصورهم ، لا تأكل النار صورهم " ، فمنهم من أخذته النار إلى نصف ساقيه ، ومنهم من أخذته إلى كعبيه ، فيخرجون بهم ، ثم يقول الله : " أخرجوا من النار ، من كان في قلبه وزن دينار من إيمان " ، ثم يقول : " من كان في قلبه [ ص: 295 ] وزن نصف دينار من إيمان " ، حتى يقول : " من في قلبه مثقال ذرة من إيمان " .

قال أبو سعيد : فمن لم يصدق بهذا ، فليقرأ : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) ، فيقولون : يا ربنا! ، أخرجنا من أمرتنا ، فلم يبق أحد في النار فيه خير ، فيقول الله : " شفعت الملائكة ، وشفعت الأنبياء ، وشفع المؤمنون ، وبقي أرحم الراحمين " ، فيخرج الله قبضة أو قبضتين من النار ناسا ، لم يعرفوا لله خيرا قط ، وقد احترقوا حتى صاروا حمما ، فيؤتى بهم إلى ماء ، يقال له : ماء الحياة ، فينبتون كما ينبت الحبة في حميل السيل ، فيخرجون من أجسادهم ، مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم : " عتقاء الله " ، فيقول لهم : " ما غنمتم ، أو ما رأيتم من شيء فهو لكم " ، فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين ، فيقول : " إن لكم عندي فضلا ، أعطيكموه " ، فيقولون : ربنا! وما أفضل مما أعطيتنا ، فيقول : " رضاي عنكم ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا " .
[ ص: 296 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية