الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وأنـزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ؛ أي: من قبل القرآن؛ وقد اختلف النحويون في " توراة " ؛ فقال الكوفيون: " توراة " ؛ يصلح أن يكون " تفعلة " ؛ من " وريت بك زنادي " ؛ فالأصل عندهم " تورية " ؛ إلا أن الياء قلبت ألفا لتحركها؛ وانفتاح ما قبلها؛ و " تفعلة " ؛ لا تكاد توجد في الكلام؛ إنما قالوا في " تتفلة " : " تتفلة " ؛ وقال بعضهم: يصلح أن يكون " تفعلة " ؛ مثل " توصية " ؛ ولكن قلبت من " تفعلة " ؛ [ ص: 375 ] إلى " تفعلة " ؛ وكأنه يجيز في " توصية " ؛ " توصاة " ؛ وهذا رديء؛ ولم يثبت في " توفية " ؛ " توفاة " ؛ ولا في " توقية " ؛ " توقاة " ؛ وقال البصريون: أصلها " فوعلة " ؛ و " فوعلة " ؛ كثير في الكلام؛ مثل: " الحوقلة " ؛ و " دوخلة " ؛ وما أشبه ذلك؛ وكل ما قلت فيه: " فوعلت " ؛ فمصدره " فوعلة " ؛ فأصلها عندهم: " وورية " ؛ ولكن الواو الأولى قلبت تاء؛ كما في " تولج " ؛ وإنما هو " فوعل " ؛ من " ولجت " ؛ وكما قلبت في " تراث " ؛ الياء الأخيرة؛ قلبت أيضا؛ لتحركها؛ وانفتاح ما قبلها بإجماع.

                                                                                                                                                                                                                                        و " إنجيل " : " إفعيل " ؛ من " النجل " ؛ وهو الأصل؛ هكذا يقول جميع أهل اللغة في " إنجيل " .

                                                                                                                                                                                                                                        ومعنى: من قبل هدى للناس أي: من قبل القرآن؛ ومعنى وأنـزل الفرقان ؛ أي: ما فرق به بين الحق والباطل؛ وروي عن بعض المفسرين أن كل كتاب لله " فرقان " ؛ ومعنى: والله عزيز ذو انتقام أي: قد ذل له كل شيء؛ بأثر صنعته فيه؛ ومعنى " ذو انتقام " : أي: ذو أنقام ممن كفر به؛ لأن ذكر الكافرين ههنا جرى.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية