الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الأغلب

                                                                                      صاحب المغرب أبو إسحاق ، إبراهيم بن أحمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب بن تميم ، التميمي الأغلبي القيرواني ، ابن أمراء القيروان . ولي سنة إحدى وستين ومائتين .

                                                                                      وكان ملكا حازما صارما مهيبا ، كانت التجار تسير في الأمن من مصر [ ص: 488 ] إلى سبتة لا تعارض ، ولا تروع .

                                                                                      ابتنى الحصون والمحارس ، بحيث كانت توقد النار ، فتتصل في ليلة إذا حدث أمر من سبتة إلى الإسكندرية ، بحيث إنه يقال : قد أنشئ في البلاد من بنائه وبناء آبائه ثلاثون ألف معقل ، وهو الذي مصر مدينة سوسة .

                                                                                      وقد دونت أيامه وعدله وجوده ، وكان سديد السيرة ، شهما ، ظفر بامرأة متعبدة قادت قودة ، فدفنها حية ، وشنق سبعة أجناد أخذوا لتاجر ثلاثة آلاف دينار ، بعد أن قررهم ، وأخذ الذهب لم ينقص سوى سبعة دنانير ، فوزنها من عنده .

                                                                                      وقيل : جاءه رجل ، فقال : قد عشقت جارية ، وثمنها خمسون دينارا ، وما معي إلا ثلاثون . فوهبه مائة دينار ، فسمع به آخر ، فجاء ، وقال : إني عاشق . قال : فما تجد ؟ قال : لهيبا . قال : اغمسوه في الماء ، فغمسوه مرات ، وهو يصيح : ذهب العشق . فضحك ، وأمر له بثلاثين دينارا .

                                                                                      ثم إنه تسودن ، وقتل إخوته ، ثم عوفي ، وتاب ، وتصدق .

                                                                                      ثم ظهر عليه الشيعي داعي عبيد الله المهدي ، وحاربه ، وجرت أمور طويلة ، بعضها في " تاريخ الإسلام " .

                                                                                      توفي غازيا بصقلية في ذي القعدة ، سنة تسع وثمانين ومائتين [ ص: 489 ] وتملك ابنه عبد الله فكان دينا ، عالما ، بطلا ، شجاعا ، شاعرا ، فقتله غلمانه غيلة بعد عام ، وتملك بعده ابنه زيادة الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية