الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( فصل في الوصية بالأجزاء من وصي له بجزء أو حظ أو نصيب أو قسط أو شيء ) فللورثة أن يعطوه أي الموصى له بأحد هذه ( ما شاءوا ) لأن كل جزء نصيب وحظ وشيء وكذا إن قال أعطوا فلانا من مالي أو ارزقوه لأن ذلك لا حد له لغة ولا شرعا ، فهو على إطلاقه ( من متمول ) لأن القصد بالوصية بره ، وإنما وكل قدر الموصى به وتعينه إلى الورثة وما لا يتمول لا يحصل به المقصود .

                                                                          ( و ) إن وصى ( بسهم من ماله فله ) أي الموصى له بالسهم ( سدس بمنزلة سدس مفروض ) لما روى ابن مسعود " { أن رجلا أوصى لرجل بسهم من ماله فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السدس } " ولأن السهم في كلام العرب السدس ، [ ص: 486 ] قاله إياس بن معاوية ، فتنصرف الوصية إليه كما لو لفظ به ، ولأنه قول علي وابن مسعود ولا مخالف لهما من الصحابة ، ولأن السدس أقل سهم مفروض يرثه ذو قرابة فتنصرف الوصية إليه ( إن لم تكمل فروض المسألة ) كأم وبنتين ، مسألتهم من ستة وترجع بالرد إلى خمسة ، ويزاد عليها السهم الموصى به فتصح من ستة ، للموصى له سهم وللأم سهم ولكل بنت سهمان ( أو كانت الورثة عصبة ) كخمس بنين مع الوصية بسهم ، فله سدس ، والباقي للبنين ( وإن كملت فروض المسألة ) كأبوين وبنتين ( أعيلت به ) أي السدس . فمسألة الورثة من ستة وتعول بالوصية إلى سبعة ( وإن عالت ) المسألة بدون السهم الموصى به . كأن خلف أما وأختين منها وأختين لأب فهي من ستة وتعول إلى سبعة ( أعيل معها ) بالسهم الموصى به فتعول إلى ثمانية ، للموصى له سهم وللأم سهم ولكل من بنتيها سهم ولكل أخت لغيرها سهمان ، وإن خلف زوجة و خمسة بنين فأصلها ثمانية ، وتصح من أربعين ، ويزاد عليها مثل سدسها ولا سدس لها فتضربها في ستة وتزيد على الحاصل سدسا تبلغ مائتين وثمانين ، للموصى له بالسهم أربعون وللزوجة ثلاثون ولكل ابن اثنان وأربعون . وإن وصى لإنسان بسدس ماله ولآخر بسهم منه وخلف أبوين وابنتين جعلت ذا السهم كالأم وأعطيت صاحب السدس سدسا كاملا وقسمت الباقي بين الورثة والموصى له بالسهم على سبعة . فتصح من اثنين وأربعين ، لصاحب السدس سبعة ، ولصاحب السهم خمسة قدمه في المغني .

                                                                          ( و ) إن كانت الوصية ( بجزء معلوم كثلث أو ربع تأخذه من مخرجه ) ليكون صحيحا ( فتدفعه إليه ) أي إلى الموصى له به ( وتقسم الباقي على مسألة الورثة ) لأنه حقهم . فإذا كان له ابنان ووصى بثلثه صحت من ثلاثة ، أو له ثلاثة بنين ووصى بربعه صحت من أربعة ، وبخمسه وخلف زوجة وأختا صحت من خمسة ، وبتسعه وخلف زوجة وسبع بنين صحت من تسعة ( إلا أن يزيد ) الجزء الموصى به ( على الثلث ) كالنصف ( ولم يجز الورثة ) الزائد ( فتفرض له ) أي للموصى له ( الثلث وتقسم الثلثين عليها ) أي على مسألة الورثة كما لو وصى له بالثلث فقط ( و ) إن كانت الوصية ( بجزأين ) كثمن وتسع أخذتهما من مخرجهما سبعة عشر من اثنين وسبعين وتقسم الباقي على المسألة ( أو ) كانت الوصية ( بأكثر ) من جزأين كثمن وتسع وعشر ( تأخذها من مخرجها ) وذلك [ ص: 487 ] سبعة وعشرون من سبعمائة وعشرين ( وتقسم الباقي ) بعد المأخوذ ( على المسألة ) أي مسألة الورثة ( فإن زادت ) الوصية بجزأين أو أكثر ( على الثلث ورد الورثة ) الزائد ( جعلت السهام الحاصلة للأوصياء ) وهي بسط الكسور من مخرجها ( ثلث المال ) ليقسم عليهم بلا كسر ( ودفعت الثلثين إلى الورثة ) لأنه حقهم ، سواء كان في الموصى لهم من تجاوز وصيته الثلث أو لا . لأنه فاضل بينهم في الوصية : فلم تجز التسوية بينهم ، كما لو وصى بثلث وربع أو بمائة ومائتين وماله أربعمائة ( فلو وصى لرجل بثلث ماله و ) وصى ( للآخر بربعه وخلف ابنين أخذت الثلث والربع من مخرجيهما سبعة من اثني عشر ) حاصل ضرب أربعة مخرج الربع في ثلاثة مخرج الثلث وثلثها وربعها سبعة ( وبقي خمسة للابنين إن أجازا ) الوصيتين ، فتصح من أربعة وعشرين لصاحب الثلث ثمانية ولصاحب الربع ستة ولكل ابن خمسة ( وإن ردا ) الزائد على الثلث ( جعلت السبعة ثلث المال ) تقسم بين الوصيين لصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة ( فتكون ) المسألة ( من إحدى وعشرين ) لأن مسألة الرد أبدا من ثلاثة أسهم للموصى لهم سهم يقسم على سهامهم وسهمان للورثة على مسألتهم والعمل على ما يأتي في تصحيح المسائل فللوصيتين سهم على سبعة فتضربهما في أصل المسألة يحصل ما ذكر ( وإن أجازا ) أي الابنان ( لأحدهما ) أي الوصيين دون الآخر ( أو أجاز أحدهما ) أي الابنين ( لهما ) أي الوصيين ( أو ) أجاز ( كل واحد ) من الابنين ( لواحد ) من الوصيين فاعمل مسألة الإجازة في مسألة الرد وانظر بينهما بالنسب الأربع وحصل أقل عدد ينقسم عليهما ففي المثال مسألة الإجازة من أربعة وعشرين والرد من أحد وعشرين وهما متوافقان بالثلث ( فاضرب وفق مسألة الإجازة وهو ) أي الوفق ( ثمانية في مسألة الرد يكن ) الخارج ( مائة وثمانية وستين للذي أجيز له ) أي أجازه الابنان من الوصيين ( سهمه من مسألة الإجازة مضروب في وفق مسألة الرد ) فإن كانا أجازاه لصاحب الثلث وحده فله من الإجازة ثمانية في وفق مسألة الرد وهو سبعة يحصل له ستة وخمسون ولصاحب الربع نصيبه من مسألة الرد ثلاثة في وفق مسألة الإجازة بأربعة وعشرين ويبقى ثمانية وثمانون بين الابنين لكل منهما أربعة وأربعون . وإن كانا أجازا لصاحب الربع وحده فله من الإجازة ستة في سبعة باثنين [ ص: 488 ] وأربعين ( وللذي رد عليه ) كصاحب الثلث في المثال ( سهمه من مسألة الرد ) أربعة يضرب ( في وفق مسألة الإجازة ) وهو ثمانية يخرج اثنان وثلاثون فمجموع ما للوصيين أربعة وسبعون ( والباقي ) وهو أربعة وتسعون ( للورثة ) وهما الابنان لكل واحد سبعة وأربعون .

                                                                          ( و ) إن كان أحد الابنين أجاز لهما والآخر ردهما فللابن ( الذي أجاز لهما نصيبه من مسألة الإجازة ) وهو خمسة ( في وفق مسألة الرد ) سبعة بخمسة وثلاثين ( ول ) لابن ( الآخر ) الراد على الوصيين ( سهمه من مسألة الرد ) سبعة ( في وفق مسألة الإجازة ) ثمانية بستة وخمسين . فمجموع ما للولدين إذن أحد وتسعون ( والباقي ) وهو سبعة وسبعون ( بين الوصيين على ) سهامهما ( سبعة ) لصاحب الثلث أربعة وأربعون ولصاحب الربع ثلاثة وثلاثون وإن كان كل واحد من الابنين أجاز لواحد من الوصيين فقد علمت أن الابنين لو أجازا لصاحب الثلث وحده كان له ستة وخمسون ، وإن رداه كان له اثنان وثلاثون ، فقد نقصه ردهما أربعة وعشرين ، فينقصه رد أحدهما اثني عشر ، وصاحب الربع كان له مع إجازتهما اثنان وأربعون ومع ردهما أربعة وعشرون فقد نقصه ردهما ثمانية عشر فينقصه رد أحدهما تسعة . وأما الابنان فالذي أجاز لصاحب الثلث وحده لو أجاز لهما معا كان له خمسة وثلاثون وإن رد عليهما كان له ستة وخمسون ، فتنقصه الإجازة لهما إحدى وعشرين لصاحب الثلث منهما اثنا عشر يبقى للذي أجاز لصاحب الثلث أربعة وأربعون والذي أجاز لصاحب الربع لو أجاز لهما معا كان له خمسة وثلاثون ، وإن رد عليهما كان له ستة وخمسون ، فنقصته الإجازة لهما أحدا وعشرين ، منها تسع لصاحب الربع يبقى للذي أجاز لصاحب الربع سبعة وأربعون ( وإن زادت ) الأجزاء الموصى بها ( على المال عملت فيها عملك في مسائل العول ) نصا بأن تجعل وصاياهم كالفروض للورثة إذا زادت على المال ( ف ) إن كانت الوصية ( بنصف وثلث وربع وسدس أخذتها من ) مخرجها ( اثني عشر وعالت إلى خمسة عشر فيقسم المال كذلك ) بين أصحاب الوصايا ( إن أجيز لهم ) كلهم ( أو ) يقسم ( الثلث ) كذلك ( إن رد عليهم ) فتكون مسألة الرد من خمسة وأربعين . لما روى سعيد بن منصور حدثنا أبو معاوية حدثنا أبو عاصم الثقفي قال : قال إبراهيم النخعي " ما تقول في رجل أوصى بنصف مال وثلث مال وربع مال ؟ فقلت : لا يجوز . قال قد [ ص: 489 ] أجازوه قلت لا أدري قال أمسك اثني عشر فأخرج نصفها ستة وثلثها أربعة وربعها ثلاثة فاقسم المال على ثلاثة عشر " .

                                                                          ( و ) من أوصى ( لزيد بجميع ماله و ) وصى ( لآخر بنصفه فالمال بينهما ) أي الوصيين ( على ثلاثة إن أجيز لهما ) أي الوصيين ( والثلث ) بينهما ( على ثلاثة مع الرد ) نصا . لأن بسط المال من جنس الكسر نصفين ، فتضم إليهما النصف الآخر تصير ثلاثة أنصاف وتقسم المال عليها مع الإجازة ، فيصير النصف ثلثا كما في زوج وأم وثلاثة أخوات متفرقات ( وإن أجيز ) أي أجاز الورثة كلهم ( لصاحب المال ) أي الموصى له به ( وحده ) أي دون الموصى له بالنصف ( فلصاحب النصف التسع والباقي لصاحب المال ) لأنه موصى له به كله . وإنما منع منه لمزاحمة صاحب النصف له . فإذا أخذ وصيته زالت المزاحمة في الباقي ( وإن أجيز لصاحب النصف وحده ) أي دون الموصى له بالكل ( فله النصف ) لأنه لا مزاحم له فيه ( ولصاحب المال تسعان ) لأن له ثلثي الثلث وهما ذلك ( وإن أجاز أحدهما ) أي أحد ابني الموصي ونحوهما ( لهما ) أي الوصيين ( فسهمه بينهما على ثلاثة ) بسط المال ونصفه ، فيكون لصاحب المال أربعة أتساع ولصاحب النصف تسعان وللراد ثلاثة ( وإن أجاز ) أحد الابنين ( لصاحب المال وحده دفع إليه كل ما بيده ) فللموصى له بالنصف تسع وللراد ثلث والباقي للموصى له بجميع المال ( وإن أجاز ) أحدهما ( لصاحب النصف وحده ) أي دون الآخر ( دفع إليه نصف ما في يده ونصف سدسه ) فتصح من ستة وثلاثين ، للذي لم يجز اثنا عشر وللمجيز خمسة ولصاحب النصف أحد عشر ولصاحب المال ثمانية لأن مسألة الرد من تسعة لصاحب النصف تسع فلو أجاز له الوارثان كان له تمام النصف ثلاثة ونصف فإذا أجاز له أحدهما لزمه نصف ذلك تسع ونصف وربع من تسع فتضرب مخرج الربع في مخرج التسع يحصل ستة وثلاثون .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية