الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دفأ ]

                                                          دفأ : الدفء والدفأ : نقيض حدة البرد ، والجمع أدفاء . قال ثعلبة بن عبيد العدوي :


                                                          فلما انقضى صر الشتاء ، وآنست من الصيف ، أدفاء السخونة في الأرض



                                                          والدفأ ، مهموز مقصور : وهو الدفء نفسه ، إلا أن الدفء كأنه اسم شبه الظمء ، والدفأ شبه الظمأ . والدفاء ، ممدود : مصدر دفئت من البرد دفاء ; والوطاء : الاسم من الفراش الوطيء ، والكفاء : هو الكفء مثل كفاء البيت ; ونعجة بها حثاء إذا أرادت الفحل ; وجئتك بالهواء واللواء أي بكل شيء ; والفلاء : فلاء الشعر وأخذك ما فيه ، كلمة ممدودة . ويكون الدفء : السخونة ; وقد دفئ دفاءة مثل كره كراهة ودفأ مثل ظمئ ظمأ ; ودفؤ وتدفأ وادفأ واستدفأ . وأدفأه : ألبسه ما يدفئه ; ويقال :

                                                          ادفيت واستدفيت أي لبست ما يدفئني ، وهذا على لغة من يترك الهمز ، والاسم الدفء ، بالكسر ، وهو الشيء الذي يدفئك ، والجمع الأدفاء . تقول : ما عليه دفء لأنه اسم ، ولا تقل ما عليه دفاءة لأنه مصدر ; وتقول : اقعد في دفء هذا الحائط أي كنه . ورجل دفئ ، على فعل ، إذا لبس ما يدفئه . والدفاء : ما استدفئ به . وحكى اللحياني : أنه سمع أبا الدينار يحدث عن أعرابية أنها قالت : الصلاء والدفاء ، نصبت على الإغراء أو الأمر . ورجل دفآن : مستدفئ والأنثى دفأى ، وجمعهما معا دفاء . والدفئ كالدفآن ، عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          يبيت أبو ليلى دفيئا ، وضيفه     من القر ، يضحي مستخفا خصائله



                                                          [ ص: 273 ] وما كان الرجل دفآن ، ولقد دفئ . وما كان البيت دفيئا ، ولقد دفؤ . ومنزل دفيء على فعيل ، وغرفة دفيئة ، ويوم دفيء ، وليلة دفيئة ، وبلدة دفيئة ، وثوب دفيء كل ذلك على فعيل وفعيلة : يدفئك . وأدفأه الثوب وتدفأ هو بالثوب واستدفأ به وادفأ به ، وهو افتعل ، أي لبس ما يدفئه . الأصمعي : ثوب ذو دفء ودفاءة . ودفؤت ليلتنا . والدفأة : الذرى تستدفئ به من الريح . وأرض مدفأة : ذات دفء . قال ساعدة يصف غزالا :


                                                          يقرو أبارقه ، ويدنو ، تارة     بمدافئ منه ، بهن الحلب



                                                          قال : وأرى الدفئ مقصورا لغة . وفي خبر أبي العارم : فيها من الأرطى والنقار الدفئة كذا حكاه ابن الأعرابي مقصورا . قال المؤرج : أدفأت الرجل إدفاء إذا أعطيته عطاء كثيرا . والدفء : العطية . وأدفأت القوم أي جمعتهم حتى اجتمعوا . والإدفاء : القتل ، في لغة بعض العرب . وفي الحديث : أنه أتي بأسير يرعد ، فقال لقوم : اذهبوا به فأدفوه ، فذهبوا به ، فقتلوه ، فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الإدفاء من الدفء ، وأن يدفأ بثوب ، فحسبوه بمعنى القتل في لغة أهل اليمن ; وأراد أدفئوه ، بالهمز ، فخففه بحذف الهمزة ، وهو تخفيف شاذ ، كقولهم : لا هناك المرتع ، وتخفيفه القياسي أن تجعل الهمزة بين بين لا أن تحذف ، فارتكب الشذوذ لأن الهمز ليس من لغة قريش . فأما القتل فيقال فيه : أدفأت الجريح ودافأته ودفوته ودافيته وداففته : إذا أجهزت عليه . وإبل مدفأة ومدفأة : كثيرة الأوبار والشحوم يدفئها أوبارها ; ومدفئة ومدفئة : كثيرة ، يدفئ بعضها بعضا بأنفاسها . والمدفآت : جمع المدفأة ، وأنشد للشماخ :


                                                          وكيف يضيع صاحب مدفآت     على أثباجهن من الصقيع



                                                          وقال ثعلب : إبل مدفأة ، مخففة الفاء : كثيرة الأوبار ، ومدفئة ، مخففة الفاء أيضا ، إذا كانت كثيرة . والدفئية : الميرة تحمل في قبل الصيف ، وهي الميرة الثالثة ، لأن أول الميرة الربعية ثم الصيفية ثم الدفئية ثم الرمضية ، وهي التي تأتي حين تحترق الأرض . قال أبو زيد : كل ميرة يمتارونها قبل الصيف فهي دفئية مثال عجمية ; قال وكذلك النتاج . قال : وأول الدفئي وقوع الجبهة ، وآخره الصرفة . والدفئي مثال العجمي : المطر بعد أن يشتد الحر . وقال ثعلب : وهو إذا قاءت الأرض الكمأة . وفي الصحاح : الدفئي مثال العجمي : المطر الذي يكون بعد الربيع قبل الصيف حين تذهب الكمأة ، ولا يبقى في الأرض منها شيء ، وكذلك الدثئي والدفئي : نتاج الغنم آخر الشتاء ، وقيل : أي وقت كان . والدفء : ما أدفأ من أصواف الغنم وأوبار الإبل ، عن ثعلب . والدفء : نتاج الإبل وأوبارها وألبانها والانتفاع بها ، وفي الصحاح : وما ينتفع به منها . وفي التنزيل العزيز : لكم فيها دفء ومنافع . قال الفراء : الدفء كتب في المصاحف بالدال والفاء ، وإن كتبت بواو في الرفع وياء في الخفض وألف في النصب كان صوابا ، وذلك على ترك الهمز ونقل إعراب الهمز إلى الحروف التي قبلها . قال : والدفء : ما انتفع به من أوبارها وأشعارها وأصوافها ; أراد : ما يلبسون منها ويبتنون . وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : لكم فيها دفء ومنافع ، قال : نسل كل دابة . وقال غيره : الدفء عند العرب : نتاج الإبل وألبانها والانتفاع بها . وفي الحديث : لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق ، أي إبلهم وغنمهم . الدفء : نتاج الإبل وما ينتفع به منها ، سماها دفأ لأنها يتخذ من أوبارها وأصوافها ما يستدفأ به . وأدفأت الإبل على مائة : زادت . والدفأ : الحنأ كالدنأ . رجل أدفأ وامرأة دفأى . وفلان فيه دفأ أي انحناء . وفلان أدفى ، بغير همز ، فيه انحناء . وفي حديث الدجال : فيه دفأ ، كذا حكاه الهروي في الغريبين ، مهموزا ، وبذلك فسره ، وقد ورد مقصورا أيضا وسنذكره .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية