الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ القول في تأويل قوله تعالى : ( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ( 31 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن

وكان مكرهن ما : - [ ص: 69 ]

19164 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( فلما سمعت بمكرهن ) ، يقول : بقولهن .

19165 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما أظهر النساء ذلك ، من قولهن : " تراود عبدها! " مكرا بها لتريهن يوسف ، وكان يوصف لهن بحسنه وجماله ; ( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ ) .

19166 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فلما سمعت بمكرهن ) : ، أي بحديثهن ، ( أرسلت إليهن ) ، يقول : أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف .

( وأعتدت ) ، " أفعلت " من العتاد ، وهو العدة ، ومعناه : أعدت لهن " متكأ " ، يعني : مجلسا للطعام ، وما يتكئن عليه من النمارق والوسائد :

وهو " مفتعل " من قول القائل : " اتكأت " ، يقال : " ألق له متكأ " ، يعني : ما يتكئ عليه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19167 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد : ( وأعتدت لهن متكأ ) قال : طعاما وشرابا ومتكأ .

19168 - . . . . قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : يتكئن عليه . [ ص: 70 ]

19169 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية عن علي ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : مجلسا .

19170 - . . . . قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن أنه كان يقرأ : ( متكآء ) ، ويقول : هو المجلس والطعام .

19171 - . . . . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد : من قرأ : " متكأ " ، خفيفة ، يعني طعاما . ومن قرأ ( متكأ ) ، يعني المتكأ .

فهذا الذي ذكرنا عمن ذكرنا عنه تأويل هذه الكلمة ، هو معنى الكلمة ، وتأويل " المتكأ " ، وأنها أعدت للنسوة مجلسا فيه متكأ وطعام وشراب وأترج . ثم فسر بعضهم " المتكأ " بأنه الطعام على وجه الخبر عن الذي أعد من أجله المتكأ وبعضهم عن الخبر عن الأترج . إذ كان في الكلام : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، لأن السكين إنما تعد للأترج وما أشبهه مما يقطع به وبعضهم على البزماورد .

19172 - حدثني هارون بن حاتم المقرئ ، قال : حدثنا هشيم بن الزبرقان ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : البزماورد .

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : " المتكأ : " هو النمرق يتكأ عليه . وقال : زعم قوم أنه الأترج . قال : وهذا أبطل باطل في الأرض ، ولكن عسى أن يكون مع " المتكأ " أترج يأكلونه . [ ص: 71 ]

وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام قول أبي عبيدة ، ثم قال : والفقهاء أعلم بالتأويل منه . ثم قال : ولعله بعض ما ذهب من كلام العرب ، فإن الكسائي كان يقول : قد ذهب من كلام العرب شيء كثير انقرض أهله .

قال أبو جعفر : والقول في أن الفقهاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة ، كما قال أبو عبيد لا شك فيه ، غير أن أبا عبيدة لم يبعد من الصواب في هذا القول ، بل القول كما قال ، من أن من قال للمتكأ : هو الأترج ، إنما بين المعد في المجلس الذي فيه المتكأ ، والذي من أجله أعطين السكاكين ، لأن السكاكين معلوم أنها لا تعد للمتكأ إلا لتخريقه! ولم يعطين السكاكين لذلك .

ومما يبين صحة ذلك القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ، من أن " المتكأ " هو المجلس ، ثم روي عن مجاهد عنه ، ما : -

19173 - حدثني به سليمان بن عبد الجبار ، قال ، حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، قال : أعطتهن أترجا ، وأعطت كل واحدة منهن سكينا .

فبين ابن عباس في رواية مجاهد هذه ، ما أعطت النسوة ، وأعرض عن ذكر بيان معنى " المتكأ " ، إذ كان معلوما معناه .

ذكر من قال في تأويل " المتكأ " ما ذكرنا :

19174 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : الترنج .

19175 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا هشيم ، [ ص: 72 ] عن عوف ، قال : حدثت عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " متكا " مخففة ، ويقول : هو الأترج .

19176 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية : " وأعتدت لهن متكأ " ، قال الطعام .

19177 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد ، قالا حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .

19178 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، مثله .

19179 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع ، قالا حدثنا غندر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .

19180 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، نحوه .

19181 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : من قرأ ( متكأ ) فهو الطعام ، ومن قرأها " متكأ " فخففها ، فهو الأترج .

19182 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( متكأ ) ، قال : طعاما

19183 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19184 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

[ ص: 73 ] 19185 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19186 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو خالد القرشي ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : من قرأ : " متكأ " ، خفيفة ، فهو الأترج .

19187 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، بنحوه .

19188 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، قال سمعت بعضهم يقول : الأترج .

19189 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وأعتدت لهن متكأ ) : ، أي طعاما .

19190 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

19191 - . . . . قال : حدثنا يزيد ، عن أبي رجاء ، عن عكرمة ، في قوله : ( متكأ ) ، قال : طعاما .

19192 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، يعني الأترج .

19193 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، والمتكأ ، الطعام .

19194 - . . . . قال : حدثنا جرير عن ليث ، عن مجاهد : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : الطعام .

[ ص: 74 ] 19195 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .

19196 - حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( متكأ ) ، فهو كل شيء يجز بالسكين .

قال أبو جعفر : قال الله تعالى ذكره ، مخبرا عن امرأة العزيز والنسوة اللاتي تحدثن بشأنها في المدينة : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، يعني بذلك جل ثناؤه : وأعطت كل واحدة من النسوة اللاتي حضرنها ، سكينا لتقطع به من الطعام ما تقطع به . وذلك ما ذكرت أنها آتتهن إما من الأترج ، وإما من البزماورد ، أو غير ذلك مما يقطع بالسكين ، كما : -

19197 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، وأترجا يأكلنه .

19198 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، قال : أعطتهن أترجا ، وأعطت كل واحدة منهن سكينا .

19199 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، ليحتززن به من طعامهن .

19200 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، وأعطتهن ترنجا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين ، ويأكلن بالعسل .

قال أبو جعفر : وفي هذه الكلمة بيان صحة ما قلنا واخترنا في قوله [ ص: 75 ] ( وأعتدت لهن متكأ ) . وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن إيتاء امرأة العزيز النسوة السكاكين ، وترك ما له آتتهن السكاكين ، إذ كان معلوما أن السكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلس إلا لقطع ما يؤكل إذا قطع بها . فاستغني بفهم السامع بذكر إيتائها صواحباتها السكاكين ، عن ذكر ما له آتتهن ذلك . فكذلك استغني بذكر اعتدادها لهن المتكأ ، عن ذكر ما يعتد له المتكأ مما يحضر المجالس من الأطعمة والأشربة والفواكه وصنوف الالتهاء ; لفهم السامعين بالمراد من ذلك ، ودلالة قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، عليه . فأما نفس " المتكأ " فهو ما وصفنا خاصة دون غيره .

وقوله : ( وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول تعالى ذكره : وقالت امرأة العزيز ليوسف : ( اخرج عليهن ) ، فخرج عليهن يوسف ( فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول جل ثناؤه : فلما رأين يوسف أعظمنه وأجللنه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19201 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال ، حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( أكبرنه ) ، أعظمنه .

19202 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

19203 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 76 ]

19204 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( فلما رأينه أكبرنه ) : ، أي : أعظمنه .

19205 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وقالت اخرج عليهن ) ، ليوسف ( فلما رأينه أكبرنه ) : عظمنه .

19206 - حدثنا إسماعيل بن سيف العجلي ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : سمعت السدي يقول في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، قال : أعظمنه .

19207 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( اخرج عليهن ) ، فخرج ، فلما رأينه أعظمنه وبهتن .

19208 - حدثنا إسماعيل بن سيف . قال : حدثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده ، في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، قال : حضن .

19209 - حدثنا علي بن داود ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول : أعظمنه .

19210 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

قال أبو جعفر : وهذا القول أعني القول الذي روي عن عبد الصمد ، عن أبيه ، عن جده ، في معنى ( أكبرنه ) ، أنه حضن إن لم يكن عنى به أنهن حضن من إجلالهن يوسف وإعظامهن لما كان الله قسم له من البهاء والجمال ، ولما يجد من مثل ذلك النساء عند معاينتهن إياه فقول لا معنى له . لأن [ ص: 77 ] تأويل ذلك : فلما رأين يوسف أكبرنه ، فالهاء التي في " أكبرنه " ، من ذكر يوسف ، ولا شك أن من المحال أن يحضن يوسف . ولكن الخبر ، إن كان صحيحا عن ابن عباس على ما روي ، فخليق أن يكون كان معناه في ذلك أنهن حضن لما أكبرن من حسن يوسف وجماله في أنفسهن ، ووجدن ما يجد النساء من مثل ذلك .

وقد زعم بعض الرواة أن بعض الناس أنشده في " أكبرن " بمعنى حضن ، بيتا لا أحسب أن له أصلا لأنه ليس بالمعروف عند الرواة ، وذلك :


نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا



وزعم أن معناه : إذا حضن .

وقوله : ( وقطعن أيديهن ) ، اختلف أهل التأويل في معنى ذلك .

فقال بعضهم : معناه : أنهن حززن بالسكين في أيديهن ، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج .

ذكر من قال ذلك :

19211 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وقطعن أيديهن ) ، حزا حزا بالسكين .

19212 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : حزا حزا بالسكاكين .

[ ص: 78 ] 19213 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

19214 - . . . . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : حزا حزا بالسكين .

19215 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وقطعن أيديهن ) قال : جعل النسوة يحززن أيديهن ، يحسبن أنهن يقطعن الأترج .

19216 - حدثنا إسماعيل بن سيف ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : سمعت السدي يقول : كانت في أيديهن سكاكين مع الأترج ، فقطعن أيديهن ، وسالت الدماء ، فقلن : نحن نلومك على حب هذا الرجل ، ونحن قد قطعنا أيدينا وسالت الدماء !

19217 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : جعلن يحززن أيديهن بالسكين ، ولا يحسبن إلا أنهن يحززن الترنج ، قد ذهبت عقولهن مما رأين!

19218 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وقطعن أيديهن ) ، وحززن أيديهن .

19219 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : جعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج .

19220 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : جعلن يحززن أيديهن ، ولا يشعرن بذلك .

[ ص: 79 ] 19221 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قالت ليوسف : ( اخرج عليهن ) ، فخرج عليهن ( فلما رأينه أكبرنه ) ، وغلبت عقولهن عجبا حين رأينه ، فجعلن يقطعن أيديهن بالسكاكين التي معهن ، ما يعقلن شيئا مما يصنعن ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهن قطعن أيديهن حتى أبنها ، وهن لا يشعرن .

ذكر من قال ذلك :

19222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قطعن أيديهن حتى ألقينها .

19223 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : قطعن أيديهن حتى ألقينها .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر عنهن أنهن قطعن أيديهن وهن لا يشعرن لإعظام يوسف ، وجائز أن يكون ذلك قطعا بإبانة وجائز أن يكون كان قطع حز وخدش ولا قول في ذلك أصوب من التسليم لظاهر التنزيل .

19224 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن .

[ ص: 80 ] 19225 - حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله .

19226 - . . . . وبه عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : قسم ليوسف وأمه ثلث الحسن .

19227 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الخلق .

19228 - حدثني أحمد بن ثابت ، وعبد الله بن محمد الرازيان ، قالا حدثنا عفان ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا ثابت ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أعطي يوسف وأمه شطر الحسن .

19229 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن أبي معاذ ، عن يونس ، عن الحسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطي يوسف وأمه ثلث [ ص: 81 ] حسن أهل الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين أو قال : أعطي يوسف وأمه الثلثين ، وأعطي الناس الثلث .

19230 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين ، فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن ، والنصف الآخر بين سائر الخلق .

19231 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين : فقسم ليوسف وأمه النصف ، والنصف لسائر الناس .

19232 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد ، قالا حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين ، فجعل ليوسف وسارة النصف ، وجعل لسائر الخلق نصف .

19233 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عيسى بن يزيد ، عن الحسن : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين .

وقوله : ( وقلن حاش لله ) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة الكوفيين : ( حاش لله ) بفتح الشين وحذف الياء .

وقرأه بعض البصريين بإثبات الياء " حاشى لله " . [ ص: 82 ]

وفيه لغات لم يقرأ بها : " حاشى الله " ، كما قال الشاعر :


حاشى أبي ثوبان إن به     ضنا عن الملحاة والشتم



وذكر عن ابن مسعود أنه كان يقرأ بهذه اللغة : " حشى الله " ، و " حاش الله " ، بتسكين الشين والألف ، يجمع بين الساكنين .

وأما القراءة فإنما هي بإحدى اللغتين الأوليين ، فمن قرأ : ( حاش لله ) بفتح الشين وإسقاط الياء ، فإنه أراد لغة من قال : " حاشى لله " ، بإثبات الياء ، ولكنه حذف الياء لكثرتها على ألسن العرب ، كما حذفت العرب الألف من قولهم : " لا أب لغيرك " ، و " لا أب لشانيك " ، وهم يعنون : " لا أبا لغيرك " . و " لا أبا لشانيك " . [ ص: 83 ]

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يزعم أن لقولهم : " حاشى لله " ، موضعين في الكلام :

أحدهما : التنزيه .

والآخر : الاستثناء . وهو في هذا الموضع عندنا بمعنى التنزيه لله ، كأنه قيل : معاذ الله .

قال أبو جعفر : وأما القول في قراءة ذلك . فإنه يقال : للقارئ الخيار في قراءته بأي القراءتين شاء ، إن شاء بقراءة الكوفيين ، وإن شاء بقراءة البصريين ، وهو : ( حاش لله ) و " حاشى لله " ، لأنهما قراءتان مشهورتان ، ولغتان معروفتان بمعنى واحد ، وما عدا ذلك فلغات لا تجوز القراءة بها ، لأنا لا نعلم قارئا قرأ بها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19234 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقلن حاش لله ) ، قال : معاذ الله .

19235 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( حاش لله ) ، معاذ الله .

19236 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقلن حاش لله ) : معاذ الله .

19237 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( حاش لله ) : معاذ الله .

19238 - . . . . قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن عمرو ، عن الحسن : ( حاش لله ) : معاذ الله .

[ ص: 84 ] 19239 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقوله : ( ما هذا بشرا ) ، يقول : قلن ما هذا بشرا ، لأنهن لم يرين في حسن صورته من البشر أحدا ، فقلن : لو كان من البشر ، لكان كبعض ما رأينا من صورة البشر ، ولكنه من الملائكة لا من البشر ، كما : -

19240 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) : ما هكذا تكون البشر!

وبهذه القراءة قرأ عامة قرأة الأمصار . وقد : -

19241 - حدثت عن يحيى بن زياد الفراء ، قال : حدثني دعامة بن رجاء التيمي وكان غزاء عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ : " ما هذا بشرى " ، أي ما هذا بمشترى .

يريد بذلك أنهن أنكرن أن يكون مثله مستعبدا يشترى ويباع .

قال أبو جعفر : وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها ، لإجماع قرأة الأمصار على خلافها . وقد بينا أن ما أجمعت عليه ، فغير جائز خلافها فيه .

وأما " نصب " البشر ، فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا " الباء " من الخبر نصبوه ، فقالوا : " ما عمرو قائما " . وأما أهل نجد ، فإن من لغتهم رفعه ، يقولون : " ما عمرو قائم " ; ومنه قول بعضهم حيث يقول : [ ص: 85 ]


لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي     جميعا ، فما هذان مستويان
تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى     وكل فتى والموت يلتقيان



وأما القرآن ، فجاء بالنصب في كل ذلك ، لأنه نزل بلغة أهل الحجاز .

وقوله : ( إن هذا إلا ملك كريم ) ، يقول : قلن ما هذا إلا ملك من الملائكة ، كما : -

19242 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( إن هذا إلا ملك كريم ) ، قال : قلن : ملك من الملائكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية