الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المعمري

                                                                                      الإمام ، الحافظ ، المجود ، البارع ، محدث العراق أبو علي ، [ ص: 511 ] الحسن بن علي بن شبيب البغدادي المعمري .

                                                                                      ولد في حدود سنة عشر ومائتين .

                                                                                      سمع : شيبان بن فروخ ، وأبا نصر التمار ، وعلي بن المديني ، وخلف بن هشام ، وهدبة بن خالد ، وسعيد بن عبد الجبار ، وسويد بن سعيد ، وجبارة بن المغلس ، وعيسى بن زغبة ، ودحيما ، وطبقتهم بالشام ومصر والعراق ، وجمع وصنف وتقدم .

                                                                                      حدث عنه : أبو بكر النجاد ، وأبو سهل بن زياد ، وأحمد بن كامل القاضي ، وابن قانع ، وأحمد بن عيسى التمار ، ومحمد بن أحمد المفيد ، وأبو القاسم الطبراني ، وخلق .

                                                                                      قال الخطيب كان من أوعية العلم ، يذكر بالفهم ، ويوصف بالحفظ ، وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها .

                                                                                      قال الدارقطني : صدوق حافظ ، جرحه موسى بن هارون ، وكانت العداوة بينهما ، وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصوله بها ، ثم إنه ترك روايتها .

                                                                                      وقال عبدان الأهوازي : ما رأيت صاحب حديث في الدنيا مثل المعمري .

                                                                                      وقال موسى بن هارون : استخرت الله سنتين حتى تكلمت في المعمري ، وذلك أني كتبت معه عن الشيوخ ، وما افترقنا ، فلما رأيت تلك [ ص: 512 ] الأحاديث ، قلت : من أين أتى بها؟ ! .

                                                                                      رواها أبو عمرو بن حمدان ، عن أبي طاهر الجنابذي عنه . ثم قال الجنابذي : كان المعمري يقول : كنت أتولى لهم الانتخاب ، فإذا مر حديث غريب ، قصدت الشيخ وحدي ، فسألته عنه .

                                                                                      قلت : فعوقب بنقيض قصده ، ولم ينتفع بتلك الغرائب ، بل جرت إليه شرا ، فقبح الله الشر .

                                                                                      قال ابن عقدة : سألت عبد الله بن أحمد عن المعمري ، فقال : لا يتعمد الكذب ، ولكن أحسب أنه صحب قوما يوصلون -يعني المراسيل - .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت الحافظ أبا بكر بن أبي دارم يقول : كنت ببغداد لما أنكر موسى بن هارون على المعمري تلك الأحاديث ، وأنهى أمرهم إلى يوسف القاضي ، بعد أن كان إسماعيل القاضي توسط بينهما ، فقال موسى بن هارون : هذه أحاديث شاذة عن شيوخ ثقات ، لا بد من إخراج الأصول بها . فقال المعمري : قد عرف من عادتي أني كنت إذا رأيت حديثا غريبا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه ، إنما كنت أقرأ من كتاب الشيخ وأحفظه ، فلا سبيل إلى إخراج الأصول بها .

                                                                                      [ ص: 513 ] قال علي بن حمشاذ : كنت ببغداد حينئذ ، فأخرج نيفا وسبعين حديثا ، ذكر أنه لم يشركه فيها أحد ، ورفض المعمري مجلسه ، فصار الناس حزبين : حزب للمعمري ، وحزب لموسى ، فكان من حجة المعمري : أن هذه أحاديث حفظتها عن الشيوخ لم أنسخها . ثم اتفقوا بأجمعهم على عدالة المعمري ، وتقدمه .

                                                                                      قال أبو أحمد بن عدي : كان المعمري كثير الحديث ، صاحب حديث بحقه ، كما قال عبدان : إنه لم ير مثله ، وما ذكر عنه أنه رفع أحاديث وزاد في متون ، قال : هذا شيء موجود في البغداديين خاصة ، وفي حديث ثقاتهم ، وأنهم يرفعون الموقوف ، ويصلون المرسل ، ويزيدون في الإسناد .

                                                                                      قلت : بئست الخصال هذه ، وبمثلها ينحط الثقة عن رتبة الاحتجاج به ، فلو وقف المحدث المرفوع ، أو أرسل المتصل ، لساغ له ، كما قيل : أنقص من الحديث ولا تزد فيه .

                                                                                      قال أحمد بن كامل القاضي : مات أبو علي المعمري لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم ، سنة خمس وتسعين ومائتين

                                                                                      [ ص: 514 ] قال : وكان في الحديث وجمعه وتصنيفه إماما ربانيا ، وقد شد أسنانه بالذهب ، ولم يغير شيبه .

                                                                                      وقيل : عاش اثنتين وثمانين سنة . وقد كان ناب في القضاء عن البرتي بالقصر وأعمالها وشهر بالمعمري لأنه ابن أم الحسن بنت سفيان بن الشيخ أبي سفيان محمد بن حميد المعمري ، وكان أبو سفيان ارتحل إلى اليمن إلى معمر ، فلذا قيل له : المعمري . والله أعلم .

                                                                                      أخبرنا أبو سعيد الثغري بحلب ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، أخبرنا عبد الحق بن يوسف ، أخبرنا علي بن محمد ، أخبرنا أبو الحسن الحمامي ، أخبرنا ابن قانع ، حدثنا الحسن بن علي المعمري ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عمرو بن واقد ، عن موسى بن يسار ، عن مكحول ، عن جنادة بن أبي أمية ، عن حبيب بن مسلمة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل السلب للقاتل .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية