الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( وفي أجنبية في غير قبل ولواطة ) أي لا يجب الحد في مسألتين أيضا : الأولى لو وطئ امرأة أجنبية في دبرها ، فإنه لا يحد الثانية لو لاط بصبي في دبره ، فإنه لا يحد ولا شك أن وطء الأجنبية في دبرها لواطة أيضا وهذا عند أبي حنيفة وقالا هو كالزنا فيحد رجما إن كان محصنا أو جلدا إن كان غير محصن ; لأنه في معنى الزنا ; لأنه قضاء الشهوة في محل مشتهى على سبيل الكمال على وجه تمحض حراما لقصد [ ص: 18 ] سفح الماء وله أنه ليس بزنا لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في موجبه من الإحراق بالنار وهدم الجدار ، والتنكيس من مكان مرتفع باتباع الأحجار ونحو ذلك ولا هو في معنى الزنا ; لأنه ليس فيه إضاعة الولد واشتباه الأنساب ولذا هو أندر وقوعا لانعدام الداعي في أحد الوجهين ، والداعي إلى الزنا من الجانبين وما ورد في الحديث من الأمر بقتل الفاعل ، والمفعول به فمحمول على السياسة أو على المستحل قال الزيلعي لو رأى الإمام مصلحة في قتل من اعتاده جاز له قتله ا هـ .

                                                                                        واعلم أنهم يذكرون في حكم السياسة أن الإمام يفعلها ولم يقولوا القاضي فظاهره أن القاضي ليس له الحكم بالسياسة ولا العمل بها . قيد بعدم الحد ; لأن التعزير واجب قالوا يوجع ضربا .

                                                                                        زاد في الجامع الصغير أنه يودع في السجن قال في فتح القدير : حتى يموت أو يتوب ولو اعتاد اللواطة قتله الإمام محصنا كان أو غير محصن سياسة ، وذكر العلامة الأكمل في شرح المشارق أن اللواطة محرمة عقلا وشرعا وطبعا بخلاف الزنا وأنه ليس بحرام طبعا فكانت أشد حرمة منه ، وإنما لم يوجب الحد أبو حنيفة فيها لعدم الدليل عليه لا لخفتها ، وإنما عدم الوجوب فيها للتغليظ على الفاعل ; لأن الحد مطهر على قول بعض العلماء وفي فتح القدير وهل تكون اللواطة في الجنة أي هل يجوز كونها فيها قيل : إن كان حرمتها عقلا وسمعا لا تكون ، وإن كان سمعا فقط جاز أن تكون ، والصحيح أنها لا تكون فيها ; لأنه تعالى استبعده واستقبحه فقال : { ما سبقكم بها من أحد من العالمين } وسماه خبيثة فقال تعالى { كانت تعمل الخبائث } ، والجنة منزهة عنها ا هـ .

                                                                                        وقيد بالأجنبية ليفيد أن زوجته وجاريته بالأولى في عدم وجوب الحد لكن قال في التبيين إذا فعل في عبده أو أمته أو منكوحته لا يجب الحد بالإجماع ، وإنما يعزر لارتكابه المحظور وفي الحاوي القدسي وتكلموا في هذا التعزير من الجلد ورميه من أعلى موضع وحبسه في أنتن بقعة وغير ذلك سوى الإخصاء المغلب ، والجلد أصح ا هـ وللواطة أحكام أخر لا يجب بها العقر أي المهر ولا العدة في النكاح الفاسد ولا في المأتي بها لشبهة ولا تحل للزوج الأول في النكاح الصحيح ولا تثبت بها الرجعة ولا حرمة المصاهرة عند الأكثر ولا الكفارة في رمضان في رواية ولو قذف بها لا يحد خلافا لهما وكذا لو قذف امرأته بها لم يلاعن خلافا لهما وعن الصفار يكفر مستحلها عند الجمهور كذا في المجتبى وقدمنا أنه يجب الغسل بها على الفاعل ، والمفعول به .

                                                                                        [ ص: 18 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 18 ] ( قوله : فمحمول على السياسة ) تقدم تفسيرها عند قوله ولا يجمع بين جلد ورجم ( قوله : وهل تكون اللواطة في الجنة إلخ ) قال السيوطي قال ابن عقيل الحنبلي جرت مسألة بين أبي علي بن الوليد المعتزلي وبين أبي يوسف القزويني في إباحة جماع الولدان في الجنة فقال ابن الوليد لا يمنع أن يجعل ذلك من جملة اللذات في الجنة لزوال المفسدة ; لأنه إنما منع في الدنيا لما فيه من قطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك ولهذا أبيح شرب الخمر لما ليس فيه من السكر وغاية العربدة وزوال العقل فذلك لم يمنع من الالتذاذ بها

                                                                                        فقال أبو يوسف : الميل إلى الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه ; لأنه محل لم يخلق للوطء ولهذا لم يبح في شريعة بخلاف الخمر وهو مخرج الحدث والجنة نزهت عن العاهات فقال [ ص: 19 ] ابن الوليد العاهة هي التلويث بالأذى وإذا لم يبق إلا مجرد الالتذاذ ا هـ . كلامه كذا في حواشي المنح للرملي .




                                                                                        الخدمات العلمية