الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين

                                                                                                                                                                                                السدر: شجر النبق. والمخضود: الذي لا شوك له، كأنما خضد شوكه. وعن مجاهد : الموقر الذي تثني أغصانه كثرة حمله، من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب. والطلح: شجر الموز. وقيل: هو شجر أم غيلان، وله نوار كثير طيب الرائحة. وعن السدي : شجر يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل. وعن علي - رضي الله عنه - أنه قرأ: وطلع، وما شأن الطلح، وقرأ قوله: لها طلع نضيد [ق: 10]. فقيل له: أو نحولها؟ فقال: آي القرآن لا تهاج اليوم ولا تحول. وعن ابن عباس نحوه.

                                                                                                                                                                                                والمنضود: الذي نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه; فليست له ساق بارزة.

                                                                                                                                                                                                وظل ممدود ممتد منبسط لا يتقلص، كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس "مسكوب" يسكب لهم أين شاؤوا وكيف شاؤوا لا يتعنون فيه. وقيل: دائم الجرية لا ينقطع. وقيل: مصبوب يجري على الأرض في غير أخدود.

                                                                                                                                                                                                لا مقطوعة هي دائمة لا تنقطع في بعض الأوقات كفواكه الدنيا. ولا ممنوعة لا تمنع عن متناولها بوجه، ولا يحظر عليها كما يحظر على بساتين الدنيا. وقرئ: "فاكهة كثيرة"، بالرفع على: وهناك فاكهة، كقوله: وحور عين "وفرش" جمع فراش. وقرئ: وفرش بالتخفيف "مرفوعة" نضدت حتى ارتفعت. أو مرفوعة على الأسرة. وقيل: هي النساء، لأن المرأة يكنى عنها بالفراش مرفوعة على الأرائك. قال الله تعالى: هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون [ ص: 28 ] ويدل عليه قوله تعالى: إنا أنشأناهن إنشاء وعلى التفسير الأول أضمر لهن، لأن ذكر الفرش وهي المضاجع دل عليهن أنشأناهن إنشاء أي ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولادة، فإما أن يراد. اللاتي ابتدئ إنشاؤهن; أو اللاتي أعيد إنشاؤهن. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أم سلمة - رضي الله عنها - سألته عن قول الله تعالى: إنا أنشأناهن فقال: "يا أم سلمة ، هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا رمصا، جعلهن الله بعد الكبر" "أترابا" على ميلاد واحد في الاستواء، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا; فلما سمعت عائشة - رضي الله عنها - ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: واوجعاه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس هناك وجع". وقالت عجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله [ ص: 29 ] أن يدخلني الجنة، فقال: إن الجنة لا تدخلها العجائز، فولت وهي تبكي، فقال عليه الصلاة والسلام: "أخبروها أنها ليست يومئذ بعجوز" وقرأ الآية: "عربا" وقرئ: "عربا"، بالتخفيف جمع عروب؛ وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل.

                                                                                                                                                                                                "أترابا" [ ص: 30 ] مستويات في السن بنات ثلاث وثلاثين، وأزواجهن أيضا كذلك. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

                                                                                                                                                                                                " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين " واللام في لأصحاب اليمين من صلة أنشأنا وجعلنا.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية