الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله (تعالى): وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ؛ قيل في قوله: اصطفاك ؛ اختارك بالتفضيل على نساء العالمين في زمانهم؛ يروى ذلك عن الحسن؛ وابن جريج ؛ وقال غيرهما: معناه أنه اختارك على نساء العالمين بحال جليلة من ولادة المسيح؛ وقال الحسن؛ ومجاهد : وطهرك من الكفر بالإيمان.

قال أبو بكر : هذا سائغ؛ كما جاز إطلاق اسم النجاسة على الكافر؛ لأجل الكفر؛ في قوله (تعالى): إنما المشركون نجس ؛ والمراد نجاسة الكفر؛ فكذلك يكون وطهرك ؛ بطهارة الإيمان؛ وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن ليس بنجس"؛ يعني به نجاسة الكفر؛ وهو كقوله (تعالى): إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ؛ والمراد طهارة الإيمان؛ والطاعات.

وقيل: إن المراد: وطهرك من سائر الأجناس؛ من الحيض؛ والنفاس؛ وغيرهما؛ وقد اختلف في وجه تطهير الملائكة لمريم؛ وإن لم تكن نبية; لأن الله (تعالى) قال: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ؛ فقال قائل: كان ذلك معجزة لزكريا - عليه السلام -؛ وقال آخرون: على وجه إرهاص نبوة المسيح؛ كحال الشهب؛ وإظلال الغمامة؛ ونحو ذلك مما كان لنبينا - صلى الله عليه وسلم - قبل المبعث.

التالي السابق


الخدمات العلمية