الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين ) 50 قوله تعالى :( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين ) .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 130 ] اعلم أنه تعالى لما بين صلاتهم في عباداتهم البدنية ، وعباداتهم المالية ، أرشدهم إلى طريق الصواب وقال :( قل للذين كفروا إن ينتهوا ) ، وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قال صاحب "الكشاف" :( قل للذين كفروا ) أي قل لأجلهم هذا القول ، وهو :( إن ينتهوا يغفر لهم ) ولو كان بمعنى خاطبهم به لقيل : إن تنتهوا يغفر ، وقال ابن مسعود هكذا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : المعنى : أن هؤلاء الكفار إن انتهوا عن الكفر وعداوة الرسول ، ودخلوا الإسلام والتزموا شرائعه غفر الله لهم ما قد سلف من كفرهم وعداوتهم للرسول ، وإن عادوا إليه وأصروا عليه فقد مضت سنة الأولين ، وفيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : المراد فقد مضت سنة الأولين منهم الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : فقد مضت سنة الأولين الذين تحزبوا على أنبيائهم من الأمم الذين قد مروا فليتوقعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا .

                                                                                                                                                                                                                                            الثالث : أن معناه أن الكفار إذا انتهوا عن الكفر وأسلموا غفر لهم ما قد سلف من الكفر والمعاصي وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين وهي قوله :( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ) [المجادلة : 21] ،( ولقد سبقت كلمتنا ) [الصافات : 171] ،( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) [الأنبياء : 105] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية