الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما يلزم اعتماده في أمانة الوكلاء والأعوان

                                                                                                                                            3900 - ( عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع وفي لفظ من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله } رواهما أبو داود )

                                                                                                                                            3901 - ( وعن أنس قال : { إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير } . رواه البخاري ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن عمر أخرجه أبو داود بإسنادين : الإسناد الأول لا مطعن فيه لأنه قال : [ ص: 312 ] حدثنا أحمد بن يونس ، يعني اليربوعي ، حدثنا زهير ، حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد : يعني الدمشقي الطويل وهو ثقة قال : جلسنا لعبد الله بن عمر فذكره ، والإسناد الثاني قال : حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم ، يعني العامري وثقه النسائي ، حدثنا عمر بن يونس ، يعني اليمامي وهو ثقة ، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد العمري ، يعني ابن عبد الله بن عمر ، حدثنا المثنى بن يزيد قال المنذري : هو مجهول انتهى . وقد أخرج له النسائي في عمل اليوم والليلة عن مطر ، يعني ابن طهمان الخراساني الوراق ، قال المنذري : ضعفه غير واحد انتهى . وقد أخرج له مسلم في مواضع عن نافع عن ابن عمر فذكره بمعناه قوله : ( من خاصم ) قال الغزالي : الخصومة لجاج في الكلام ليستوفى بها مال أو حق مقصود ، وتارة تكون ابتداء وتارة تكون اعتراضا ، والمراء لا يكون إلا اعتراضا على كلام سابق

                                                                                                                                            قال بعضهم : إياك والخصومة فإنها تمحق الدين ، ويقال : ما خاصم قط ورع قوله : ( لم يزل في سخط الله ) هذا ذم شديد له شرطان : أحدهما أن تكون المخاصمة في باطل . والثاني أن يعلم أنه باطل ، فإن اختل أحد الشرطين فلا وعيد ، وإن كان الأولى ترك المخاصمة ما وجد إليه سبيلا قوله : ( من أعان على خصومة بظلم ) في معنى ذلك ما أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أوس بن شرحبيل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام } وأما ما ورد في الحديث الصحيح بلفظ { انصر أخاك ظالما أو مظلوما } فقد ورد تفسيره في آخر الحديث { أن نصر الظالم كفه عن الظلم } قوله : ( فقد باء بغضب من الله ) أي انقلب ورجع بغضب لازم له . ومعنى الغضب في صفات الله إرادة العقوبة

                                                                                                                                            وفي الحديث دليل على أنه ينبغي للحاكم إذا رأى مخاصما أو معينا على خصومة بتلك الصفة أن يزجره ويردعه لينتهي عن غيه قوله : ( إن قيس بن سعد ) يعني ابن عبادة الأنصاري الخزرجي قوله : ( كان يكون ) قال الكرماني : فائدة تكرار لفظ الكون إرادة بيان الدوام والاستمرار . وقد وقع في رواية الترمذي وابن حبان والإسماعيلي وأبي نعيم وغيرهم بلفظ " كان قيس بن سعد . . . إلخ " قوله : ( بمنزلة صاحب الشرط ) زاد الترمذي " لما يلي من أموره " وقد ترجم ابن حبان لهذا الحديث فقال : احتراز المصطفى من المشركين في مجلسه إذا دخلوا وقد روى الإسماعيلي " أن سعدا سأل النبي صلى الله عليه وسلم في قيس أن يصرفه عن الموضع الذي وضعه فيه مخافة أن يقدم على شيء فصرفه عن ذلك

                                                                                                                                            والشرط بضم المعجمة والراء والنسبة إليها شرطي بضمتين ، وقد يفتح الراء فيهما : عوان الأمير . والمراد بصاحب الشرط كبيرهم ، فقيل سموا بذلك لأنهم رذالة الجند . ومنه في حديث الزكاة المتقدم ولا الشرط اللئيمة : أي رديء المال . وقيل لأنهم الأشداء الأقوياء من الجند . ومنه في حديث الملاحم [ ص: 313 ] ويتشرط شرطة للموت " أي يتعاقدون على أن لا يفروا ولو ماتوا . قال الأزهري : شرطة كل شيء خياره ، ومنه الشرط لأنهم نجبة الجند . وقيل : هم أول طائفة تتقدم الجيش . وقيل سموا شرطا لأن لهم علامات يعرفون بها في اللباس والهيئة وهو اختيار الأصمعي . وقيل لأنهم أعدوا أنفسهم لذلك ، يقال : أشرط فلان نفسه لأمر كذا إذا أعدها ، قاله أبو عبيد . وقيل : مأخوذ من الشريط وهو الحبل المبروم لما فيهم من الشدة

                                                                                                                                            وفي الحديث جواز اتخاذ الأعوان لدفع ما يرد على الإمام والحاكم




                                                                                                                                            الخدمات العلمية