الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين

                                                                                                                                                                                                                                        ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وقرأ الكوفيون «إحسانا»، وقرئ حسنا أي إيصاء «حسنا». حملته أمه كرها ووضعته كرها ذات كره أو حملا ذا كره وهو المشقة، وقرأ الحجازيان وأبو عمرو وهشام بالفتح وهما لغتان كالفقر والفقر. وقيل: المضموم اسم والمفتوح مصدر. وحمله وفصاله ومدة حمله وفصاله، والفصال الفطام ويدل عليه قراءة يعقوب «وفصله» أو وقته والمراد به الرضاع التام المنتهى به ولذلك عبر به كما يعبر بالأمد عن المدة، قال:


                                                                                                                                                                                                                                        كل حي مستكمل عدة العم ... ر ومود إذا انتهى أمده



                                                                                                                                                                                                                                        ثلاثون شهرا كل ذلك بيان لما تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها، وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأنه إذا حط منه للفصال حولان لقوله: حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ ص: 114 ] بقي ذلك وبه قال الأطباء ولعل تخصيص أقل الحمل وأكثر الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما. حتى إذا بلغ أشده إذا اكتهل واستحكم قوته وعقله. وبلغ أربعين سنة قيل: لم يبعث نبي إلا بعد الأربعين. قال رب أوزعني ألهمني وأصله أولعني من أوزعته بكذا. أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي يعني نعمة الدين أو ما يعمها وغيرها، وذلك يؤيد ما روي أنها نزلت في أبي بكر رضي الله عنه لأنه لم يكن أحد أسلم هو وأبواه من المهاجرين والأنصار سواه. وأن أعمل صالحا ترضاه نكرة للتعظيم أو لأنه أراد نوعا من الجنس يستجلب رضا الله عز وجل. وأصلح لي في ذريتي واجعل لي الصلاح ساريا في ذريتي راسخا فيهم ونحوه قوله:


                                                                                                                                                                                                                                        وإن تعتذر بالمحل عن ذي ضروعها ...     إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلي



                                                                                                                                                                                                                                        إني تبت إليك عما لا ترضاه أو يشغل عنك. وإني من المسلمين المخلصين لك.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية