الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
بعده عن التكسب به

[فصل]

ومن أهم ما يؤمر به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها .

[ ص: 56 ] فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه .

وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد .

معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما بسمعة ونحوها.

[ ص: 57 ] وعن فضيل بن عمرو - رضي الله عنه – قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – مسجدا، فلما سلم الإمام قام رجل فتلا آيات من القرآن، ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول: سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه .

وهذا الإسناد منقطع؛ فإن الفضيل بن عمرو لم يسمع الصحابة.

وأما أخذه الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه:

فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه عن جماعة من العلماء؛ منهم الزهري وأبو حنيفة .

وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري ، والشعبي ، وابن سيرين .

وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه، واستأجره إجارة صحيحة.

وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة، واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسا فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ ص: 58 ] إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها وهو حديث مشهور، رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف.

وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:

1 – أحدهما: أن في إسناده مقالا.

2 – والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه، فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية