الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ثم بين - جل وعز - ما يدل على توحيده بما خلق؛ ويعجز عنه المخلوقون؛ فقال: خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ؛ " ثم " ؛ لا تكون إلا لشيء بعد شيء؛ و " النفس الواحدة " ؛ يعني بها آدم - صلى الله عليه وسلم -؛ و " زوجها " ؛ حواء؛ وإنما قوله " ثم " ؛ لمعنى " خلقكم من نفس واحدة " ؛ أي: خلقها واحدة ثم جعل منها زوجها؛ أي: خلقها ثم جعل منها زوجها قبلكم؛ وقوله: وأنـزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ؛ يعني: من الإبل ذكرا وأنثى؛ ومن البقر ذكرا وأنثى؛ ومن الضأن كذلك؛ ومن المعز ذكرا وأنثى؛ يقال للذكر والأنثى: " زوجان " ؛ كل واحد منهما يقال له: " زوج " ؛ يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ؛ نطفا؛ ثم علقا؛ ثم مضغا؛ ثم عظاما؛ ثم تكسى العظام لحما؛ ثم تصور؛ وتنفخ فيها الروح؛ فذلك معنى قوله: خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ؛ في البطن؛ والرحم؛ والمشيمة؛ وقد قيل: في الأصلاب؛ والرحم؛ والبطن؛ ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو ؛ المعنى: " الذي دبر الخلق هذا التدبير؛ ليس كمثله شيء؛ فأنى تصرفون ؛ [ ص: 346 ] المعنى: " فمن أين تصرفون عن طريق الحق؟! " ؛ مثل: فأنى تؤفكون ؛ أي: فكيف تعدلون عن الحق بعد هذا البيان الذي يدل على صحة التوحيد؟!

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية