الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 333 ] 270 - باب بيان الحجة من كتاب الله ، ثم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على من كره للرجل أن يسأل الله عز وجل أن يتصدق عليه بشيء يذكره

قال أبو جعفر : كره قوم أن يقول الرجل في دعائه : اللهم تصدق علي بكذا .

ورووا ذلك عن أبي وائل شقيق بن سلمة .

كما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا أبو غسان ، وكما حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قالا : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن أبي وائل أنه كره للرجل أن يقول : اللهم تصدق علي بالجنة ، وقال : إنما يتصدق من يرجو الثواب .

فكان من الحجة عليهم لمن أباح ذلك سواهم من كتاب الله عز وجل ما حكاه الله عز وجل فيه ، عن نبيه زكريا في دعائه إياه : هب لي من لدنك ذرية طيبة .

وما كان من إجابة الله إياه في ذلك من قوله : فاستجبنا له ووهبنا له يحيى .

ومثل ذلك قوله عز وجل في قصة نبيه أيوب صلى الله عليه وسلم : ووهبنا له أهله ومثلهم معهم .

[ ص: 334 ] وإذا جاز أن تكون الهبة من الله لمن شاء من عباده ، جائزة دعاؤه بها ، وقد تكون الهبة من الآدميين لطلب الثواب عليها ، كانت الصدقة منه عز وجل التي لا يصلح للآدميين الثواب عليها منه أجوز ، وفي ذلك ما يتسع به للناس أن يدعوه عز وجل بذلك .

وأما من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

1646 - فما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار يحدث ، عن عبد الله بن باباه ، عن يعلى بن منبه ، قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما قال الله عز وجل : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا .

فقد أمن الناس ، فقال : عمر : إني عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : { صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته
} .

[ ص: 335 ]

1647 - وما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، عن عبد الله بن بابيه ، عن يعلى بن منيه ، قال : سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم ذكر مثله .

قال أبو جعفر : وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخفيف الله على عباده صدقة منه عليهم ، وفي ذلك ما قد دل على ما ذكرناه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية