الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دلك ]

                                                          دلك : دلكت الشيء بيدي أدلكه دلكا ، قال ابن سيده : دلك الشيء يدلكه دلكا مرسه وعركه ; قال :


                                                          أبيت أسري ، وتبيتي تدلكي وجهك بالعنبر والمسك الذكي



                                                          حذف النون من تبيتي كما تحذف الحركة للضرورة في قول امرئ القيس :


                                                          فاليوم أشرب غير مستحقب     إثما من الله ، ولا واغل



                                                          وحذفها من تدلكي أيضا لأنه جعلها بدلا من تبيتي أو حالا ، فحذف النون كما حذفها من الأول ; وقد يجوز أن يكون تبيتي في موضع النصب بإضمار أن في غير الجواب كما جاء في بيت الأعشى :


                                                          لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها     ويأوي إليها المستجير فيعصبا



                                                          ودلكت السنبل حتى انفرك قشره عن حبه .

                                                          والمدلوك : المصقول . ودلكت الثوب إذا مصته لتغسله . ودلكه الدهر : حنكه وعلمه . ابن الأعرابي : الدلك عقلاء الرجال ، وهم الحنك . ورجل دليك حنيك : قد مارس الأمور وعرفها . وبعير مدلوك إذا عاود الأسفار ومرن عليها ، وقد دلكته الأسفار ; قال الراجز :


                                                          على علاواك على مدلوك     على رجيع سفر منهوك



                                                          وتدلك بالشيء : تخلق به . والدلوك : ما تدلك به من طيب وغيره . وتدلك الرجل أي دلك جسده عند الاغتسال . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أنه كتب إلى خالد بن الوليد : إنه بلغني أنه أعد لك دلوك عجن بالخمر وإني أظنكم ، آل المغيرة ، ذرو النار ; الدلوك ، بالفتح : اسم الدواء أو الشيء الذي يتدلك به من الغسولات كالعدس والأشنان والأشياء المطيبة ، كالسحور لما يتسحر به ، والفطور لما يفطر عليه . والدلاكة : ما حلب قبل الفيقة الأولى وقبل أن تجتمع الفيقة الثانية . وفرس مدلوك الحجبة : ليس لحجبته إشراف فهي ملساء مستوية ; ومنه قول ابن الأعرابي يصف فرسا :

                                                          المدلوك الحجبة الضخم الأرنبة

                                                          . ويقال : فرس مدلوك الحرقفة إذا كان مستويا . والدليك : طعام يتخذ من الزبد واللبن شبه الثريد ; قال الجوهري : وأظنه الذي يقال له بالفارسية جنكال خست . والدليك : التراب الذي تسفيه الرياح . ودلكت الشمس تدلك دلوكا : غربت ، وقيل : اصفرت ومالت للغروب . وفي التنزيل العزيز : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل . وقد دلكت : زالت عن كبد السماء ; قال :


                                                          ما تدلك الشمس إلا حذو منكبه     في حومة ، دونها الهامات والقصر



                                                          واسم ذلك الوقت الدلك . قال الفراء : جابر عن ابن عباس في دلوك الشمس أنه زوالها الظهر ، قال : ورأيت العرب يذهبون بالدلوك إلى غياب الشمس ; قال الشاعر :


                                                          هذا مقام قدمي رباح     ذبب حتى دلكت براح



                                                          يعني الشمس . قال أبو منصور : وقد روينا عن ابن مسعود أنه قال دلوك الشمس غروبها . وروى ابن هانئ عن الأخفش أنه قال : دلوك الشمس من زوالها إلى غروبها . وقال الزجاج : دلوك الشمس زوالها في وقت الظهر ، وذلك ميلها للغروب وهو دلوكها أيضا . يقال : قد دلكت براح وبراح أي قد مالت للزوال حتى كاد الناظر يحتاج إذا تبصرها أن يكسر الشعاع عن بصره براحته . وبراح ، مثل قطام : اسم للشمس . وروي عن نافع عن ابن عمر قال : دلوكها ميلها بعد نصف النهار . وروي عن ابن الأعرابي في قوله دلكت براح : استريح منها . قال الأزهري : والقول عندي أن دلوك الشمس زوالها نصف النهار لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس ، والمعنى ، والله أعلم ، أقم الصلاة يا محمد أي أدمها من وقت زوال الشمس إلى غسق الليل فيدخل فيها الأولى والعصر ، وصلاتا غسق الليل هما العشاءان فهذه أربع صلوات ، والخامسة قوله : وقرآن الفجر ، المعنى وأقم صلاة الفجر فهذه خمس صلوات فرضها الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - وعلى أمته ; وإذا جعلت الدلوك الغروب كان الأمر في هذه الآية مقصورا على ثلاث صلوات ، فإن قيل : ما معنى الدلوك في كلام العرب ؟ قيل : الدلوك الزوال ولذلك قيل للشمس إذا زالت نصف النهار دالكة ، وقيل : لها إذا أفلت دالكة لأنها في الحالتين زائلة . وفي نوادر الأعراب : دمكت الشمس ودلكت وعلت واعتلت ، كل هذا ارتفاعها . وقال الفراء في قوله براح : جمع راحة وهي الكف ، يقول يضع كفه على عينيه ينظر هل غربت الشمس بعد ; قال ابن بري : ويقوي أن دلوك الشمس غروبها قول ذي الرمة :


                                                          مصابيح ليست باللواتي يقودها     نجوم ، ولا بالآفلات الدوالك



                                                          وتكرر ذكر الدلوك في الحديث ، وأصله الميل . والدليك : ثمر الورد يحمر حتى يكون كالبسر وينضج فيحلو فيؤكل ، وله حب في داخله هو بزره ، قال : وسمعت أعرابيا من أهل اليمن يقول : للورد عندنا دليك عجيب كأنه البسر كبرا وحمرة حلو لذيذ كأنه رطب يتهادى . والدليك : نبات ، واحدته دليكة . ودلكت الأرض : أكلت . ورجل مدلوك : ألح عليه في المسألة ; كلاهما عن ابن الأعرابي . ودلك الرجل حقه : مطله . ودلك الرجل غريمه أي ماطله . وسئل الحسن البصري : أيدالك الرجل امرأته ؟ فقال : نعم إذا كان ملفجا ; قال أبو عبيد : قوله يدالك يعني المطل بالمهر . وكل مماطل ، فهو مدالك . وقال الفراء : المدالك الذي لا يرفع نفسه عن دنية وهو مدلك ، وهم [ ص: 291 ] يفسرونه المطول ; وأنشد :


                                                          فلا تعجل علي ولا تبصني     ودالكني ، فإني ذو دلال



                                                          وقال بعضهم : المدالكة المصابرة . وقال بعضهم : المدالكة الإلحاح في التقاضي ، وكذلك المعاركة . والدلكة : دويبة ، قال ابن دريد : ولا أحقها . ودلوك : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية