الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 264 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ( 99 ) ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم ( 100 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : فلما دخل يعقوب وولده وأهلوهم على يوسف ( آوى إليه أبويه ) ، يقول : ضم إليه أبويه فقال لهم : ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) .

فإن قال قائل : وكيف قال لهم يوسف : ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، بعد ما دخلوها ، وقد أخبر الله عز وجل عنهم أنهم لما دخلوها على يوسف وضم إليه أبويه ، قال لهم هذا القول؟

قيل : قد اختلف أهل التأويل في ذلك .

فقال بعضهم : إن يعقوب إنما دخل على يوسف هو وولده ، وآوى يوسف أبويه إليه قبل دخول مصر . قالوا : وذلك أن يوسف تلقى أباه تكرمة له قبل أن يدخل مصر ، فآواه إليه ، ثم قال له ولمن معه : ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، بها قبل الدخول .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 265 ]

19877 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : فحملوا إليه أهلهم وعيالهم ، فلما بلغوا مصر ، كلم يوسف الملك الذي فوقه ، فخرج هو والملوك يتلقونهم ، فلما بلغوا مصر قال : ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) .

19878 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن فرقد السبخي ، قال : لما ألقي القميص على وجهه ارتد بصيرا ، وقال : ( ائتوني بأهلكم أجمعين ) ، فحمل يعقوب وإخوة يوسف ، فلما دنا أخبر يوسف أنه قد دنا منه ، فخرج يتلقاه . قال : وركب معه أهل مصر ، وكانوا يعظمونه . فلما دنا أحدهما من صاحبه ، وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ على رجل من ولده يقال له يهوذا . قال : فنظر يعقوب إلى الخيل والناس ، فقال : يا يهوذا ، هذا فرعون مصر؟ قال : لا هذا ابنك! قال : فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه ، فذهب يوسف يبدؤه بالسلام ، فمنع من ذلك ، وكان يعقوب أحق بذلك منه وأفضل ، فقال : السلام عليك يا ذاهب الأحزان عني هكذا قال : " يا ذاهب الأحزان عني " .

19879 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : قال حجاج : بلغني أن يوسف والملك خرجا في أربعة آلاف يستقبلون يعقوب وبنيه .

قال : وحدثني من سمع جعفر بن سليمان يحكي ، عن فرقد السبخي ، قال : خرج يوسف يتلقى يعقوب ، وركب أهل مصر مع يوسف ثم ذكر بقية الحديث ، نحو حديث الحارث ، عن عبد العزيز . [ ص: 266 ]

وقال آخرون : بل قوله : ( إن شاء الله ) ، استثناء من قول يعقوب لبنيه : ( أستغفر لكم ربي ) . قال : وهو من المؤخر الذي معناه التقديم . قالوا : وإنما معنى الكلام : قال : أستغفر لكم ربي إن شاء الله إنه هو الغفور الرحيم . فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ، وقال ادخلوا مصر ، ورفع أبويه .

ذكر من قال ذلك :

19880 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( قال سوف أستغفر لكم ربي ) إن شاء الله آمنين وبين ذلك ما بينه من تقديم القرآن .

قال أبو جعفر : يعني ابن جريج : " وبين ذلك ما بينه من تقديم القرآن " ، أنه قد دخل بين قوله : ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، وبين قوله : ( إن شاء الله ) ، من الكلام ما قد دخل ، وموضعه عنده أن يكون عقيب قوله : ( سوف أستغفر لكم ربي ) .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله السدي ، وهو أن يوسف قال ذلك لأبويه ومن معهما من أولادهما وأهاليهم قبل دخولهم مصر حين تلقاهم ، لأن ذلك في ظاهر التنزيل كذلك ، فلا دلالة تدل على صحة ما قال ابن جريج ، ولا وجه لتقديم شيء من كتاب الله عن موضعه أو تأخيره عن مكانه إلا بحجة واضحة .

وقيل : عني بقوله : ( آوى إليه أبويه ) : ، أبوه وخالته . وقال الذين قالوا هذا القول : كانت أم يوسف قد ماتت قبل ، وإنما كانت عند يعقوب يومئذ خالته أخت أمه ، كان نكحها بعد أمه .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 267 ]

19881 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) ، قال : أبوه وخالته .

وقال آخرون : بل كان أباه وأمه .

ذكر من قال ذلك :

19882 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) ، قال : أباه وأمه .

قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ما قاله ابن إسحاق ; لأن ذلك هو الأغلب في استعمال الناس والمتعارف بينهم في " أبوين " ، إلا أن يصح ما يقال من أن أم يوسف كانت قد ماتت قبل ذلك بحجة يجب التسليم لها ، فيسلم حينئذ لها .

وقوله : ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، مما كنتم فيه في باديتكم من الجدب والقحط .

وقوله : ( ورفع أبويه على العرش ) ، يعني : على السرير ، كما : -

19883 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال : السرير .

19884 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : " العرش " ، السرير .

19885 - . . . . قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال : السرير .

19886 - حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا [ ص: 268 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19887 - حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد

19888 - وحدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

19889 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

19890 - حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

19891 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19892 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

19893 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال : سريره .

19894 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( على العرش ) ، قال : على السرير .

19895 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( ورفع أبويه على العرش ) ، يقول : رفع أبويه على السرير .

19896 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : قال سفيان : ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال : على السرير . [ ص: 269 ]

19897 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال : مجلسه .

19898 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سألت زيد بن أسلم ، عن قول الله تعالى : ( ورفع أبويه على العرش ) ، فقلت : أبلغك أنها خالته؟ قال : قال ذلك بعض أهل العلم ، يقولون : إن أمه ماتت قبل ذلك ، وإن هذه خالته .

وقوله : ( وخروا له سجدا ) ، يقول : وخر يعقوب وولده وأمه ليوسف سجدا .

19899 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( وخروا له سجدا ) ، يقول : رفع أبويه على السرير ، وسجدا له ، وسجد له إخوته .

19900 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : تحمل يعني يعقوب بأهله حتى قدموا على يوسف ، فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه ، دخلوا على يوسف ، فلما رأوه وقعوا له سجودا ، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان أبوه وأمه وإخوته .

19901 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وخروا له سجدا ) وكانت تحية من قبلكم ، كان بها يحيي بعضهم بعضا ، فأعطى الله هذه الأمة السلام ، تحية أهل الجنة ، كرامة من الله تبارك وتعالى عجلها لهم ، ونعمة منه .

19902 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وخروا له سجدا ) ، قال : وكانت تحية الناس يومئذ أن يسجد بعضهم لبعض . [ ص: 270 ]

19903 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، قال : قال سفيان : ( وخروا له سجدا ) ، قال : كانت تحية فيهم .

19904 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( وخروا له سجدا ) ، أبواه وإخوته ، كانت تلك تحيتهم ، كما تصنع ناس اليوم .

19905 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك : ( وخروا له سجدا ) قال : تحية بينهم .

19906 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( وخروا له سجدا ) ، قال : قال : ذلك السجود لشرفه ، كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه ، ليس بسجود عبادة .

وإنما عنى من ذكر بقوله : " إن السجود كان تحية بينهم " ، أن ذلك كان منهم على الخلق ، لا على وجه العبادة من بعضهم لبعض . ومما يدل على أن ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديما قبل الإسلام على غير وجه العبادة من بعضهم لبعض ، قول أعشى بني ثعلبة :


فلما أتانا بعيد الكرى سجدنا له ورفعنا عمارا

[ ص: 271 ]

وقوله : ( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) ، يقول جل ثناؤه : قال يوسف لأبيه : يا أبت ، هذا السجود الذي سجدت أنت وأمي وإخوتي لي ( تأويل رؤياي من قبل ) ، يقول : ما آلت إليه رؤياي التي كنت رأيتها ، وهي رؤياه التي كان رآها قبل صنيع إخوته به ما صنعوا : أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدون ( قد جعلها ربي حقا ) ، يقول : قد حققها ربي ، لمجيء تأويلها على الصحة .

وقد اختلف أهل العلم في قدر المدة التي كانت بين رؤيا يوسف وبين تأويلها .

فقال بعضهم : كانت مدة ذلك أربعين سنة .

ذكر من قال ذلك :

19907 - حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : حدثنا أبو عثمان ، عن سلمان الفارسي ، قال : كان بين رؤيا يوسف إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة .

19908 - حدثني يعقوب بن برهان ويعقوب بن إبراهيم ، قالا حدثنا ابن علية قال : حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : قال عثمان : كانت بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويله . قال : فذكر أربعين سنة .

19909 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن علية ، عن التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة . [ ص: 272 ]

19910 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن شداد ، قال : رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عاما .

19911 - . . . . قال : حدثنا سفيان ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، مثله .

19912 - حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ضرار ، عن عبد الله بن شداد أنه سمع قوما يتنازعون في رؤيا رآها بعضهم وهو يصلي ، فلما انصرف سألهم عنها ، فكتموه ، فقال : أما إنه جاء تأويل رؤيا يوسف بعد أربعين عاما .

19913 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي عن إسرائيل ، عن ضرار بن مرة أبي سنان ، عن عبد الله بن شداد ، قال : كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة .

19914 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن فضيل وجرير ، عن أبي سنان ، قال : سمع عبد الله بن شداد قوما يتنازعون في رؤيا ، فذكر نحو حديث أبي السائب ، عن ابن فضيل .

19915 - حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عاما .

19916 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن شداد ، قال : وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة ، وإليها ينتهي أقصى الرؤيا .

19917 - . . . . قال : حدثنا معاذ بن معاذ ، قال : حدثنا سليمان [ ص: 273 ] التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة .

19918 - . . . . قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين عبارتها أربعون سنة .

19919 - . . . . قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا هشيم ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة .

19920 - . . . . قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا هشيم ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة .

19921 - . . . . قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن شداد ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين تعبيرها أربعون سنة .

وقال آخرون : كانت مدة ذلك ثمانين سنة .

ذكر من قال ذلك :

19922 - حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : حدثنا هشام ، عن الحسن ، قال : كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا ، ثمانون سنة ، لم يفارق الحزن قلبه ، ودموعه تجري على خديه ، وما على وجه الأرض يومئذ عبد أحب إلى الله من يعقوب .

19923 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن أبي جعفر جسر بن فرقد ، قال : كان بين أن فقد يعقوب يوسف إلى يوم رد عليه ثمانون سنة . [ ص: 274 ]

19924 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حسن بن علي ، عن فضيل بن عياض ، قال : سمعت أنه كان بين فراق يوسف حجر يعقوب إلى أن التقيا ، ثمانون سنة .

19925 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا داود بن مهران ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، وكان بين ذلك وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ، ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة .

19926 - . . . . قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، نحوه غير أنه قال : ثلاث وثمانون سنة .

19927 - قال : حدثنا داود بن مهران ، قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، وكان في العبودية وفي السجن وفي الملك ثمانين سنة ، ثم جمع الله عز وجل شمله ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة .

19928 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة ، فغاب عن أبيه ثمانين سنة ، ثم عاش بعد ما جمع الله له شمله ورأى تأويل رؤياه ثلاثا وعشرين سنة ، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة .

19929 - حدثنا مجاهد ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا هشيم ، عن الحسن ، قال : غاب يوسف عن أبيه في الجب وفي السجن حتى التقيا ثمانين عاما ، فما [ ص: 275 ] جفت عينا يعقوب ، وما على الأرض أحد أكرم على الله من يعقوب .

وقال آخرون : كانت مدة ذلك ثماني عشرة سنة .

ذكر من قال ذلك :

19930 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ذكر لي ، والله أعلم ، أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثماني عشرة سنة . قال : وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها ، وأن يعقوب بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة ، ثم قبضه الله إليه .

وقوله : ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) ، يقول جل ثناؤه ، مخبرا عن قيل يوسف : وقد أحسن الله بي في إخراجه إياي من السجن الذي كنت فيه محبوسا ، وفي مجيئه بكم من البدو . وذلك أن مسكن يعقوب وولده ، فيما ذكر ، كان ببادية فلسطين ، كذلك : -

19931 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كان منزل يعقوب وولده ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم ، بالعربات من أرض فلسطين ، ثغور الشأم . وبعض يقول : بالأولاج من ناحية الشعب ، وكان صاحب بادية ، له إبل وشاء .

19932 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : أخبرنا شيخ لنا أن يعقوب كان ببادية فلسطين .

19933 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) ، وكان يعقوب وبنوه بأرض كنعان ، أهل مواش وبرية . [ ص: 276 ]

19934 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( وجاء بكم من البدو ) ، قال : كانوا أهل بادية وماشية .

و " البدو " مصدر من قول القائل : " بدا فلان " إذا صار بالبادية ، " يبدو بدوا " .

وذكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم يوم دخلوها ، وهم أقل من مائة . وخرجوا منها يوم خرجوا منها وهم زيادة على ست مائة ألف .

ذكر الرواية بذلك :

19935 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن الحباب وعمرو بن محمد ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شداد ، قال : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر وهم ستة وثمانون إنسانا ، صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم . وخرجوا من مصر يوم أخرجهم فرعون وهم ست مائة ألف ونيف .

19936 - . . . . قال : حدثنا عمرو ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : خرج أهل يوسف من مصر وهم ست مائة ألف وسبعون ألفا ، فقال فرعون : ( إن هؤلاء لشرذمة قليلون ) [ سورة الشعراء : 54 ] .

19937 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن إسرائيل والمسعودي ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود ، قال : دخل بنو إسرائيل مصر وهم ثلاث وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ست مائة ألف قال إسرائيل في حديثه : ست مائة ألف وسبعون ألفا .

19938 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسروق ، قال : دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاث مائة وتسعون من بين رجل وامرأة . [ ص: 277 ]

وقوله : ( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ، يعني : من بعد أن أفسد ما بيني وبينهم ، وجهل بعضنا على بعض .

يقال منه : " نزغ الشيطان بين فلان وفلان ، ينزغ نزغا و نزوغا .

وقوله : ( إن ربي لطيف لما يشاء ) ، يقول : إن ربي ذو لطف وصنع لما يشاء ، ومن لطفه وصنعه أنه أخرجني من السجن ، وجاء بأهلي من البدو بعد الذي كان بيني وبينهم من بعد الدار ، وبعد ما كنت فيه من العبودة والرق والإسار ، كالذي : -

19939 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( إن ربي لطيف لما يشاء ) ، لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن ، وجاء بأهله من البدو ، ونزع من قلبه نزغ الشيطان ، وتحريشه على إخوته .

وقوله : ( إنه هو العليم ) ، بمصالح خلقه وغير ذلك ، لا يخفى عليه مبادي الأمور وعواقبها ( الحكيم ) ، في تدبيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية