الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو قال لامرأته يا زانية وعكست حدت ولا لعان ) ; لأنهما قاذفان وقذفه يوجب اللعان ، وقذفها يوجب الحد وفي البداية بالحد إبطال اللعان ; لأن المحدود في القذف ليس بأهل له ولا إبطال في عكسه أصلا فيحتال للدرء إذ اللعان في معنى الحد أشارالمصنف إلى أنه لو قال لامرأته يا زانية بنت الزانية فخاصمت الأم أولا فحد الرجل سقط اللعان ; لأنه بطلت شهادة الرجل ولو خاصمت المرأة أولا فلاعن القاضي بينهما ثم خاصمت الأم يحد الرجل حد القذف ( قوله : ولو قالت زنيت بك بطلا ) أي الحد واللعان لوقوع الشك في كل واحد منهما ; لأنه يحتمل أنها أرادت الزنا قبل النكاح فيجب الحد دون اللعان لتصديقها إياه وانعدامه منه ويحتمل أنها أرادت زناي الذي كان معك بعد النكاح ; لأني ما مكنت أحدا غيرك وهو المراد في مثل هذه الحالة وعلى هذا الاعتبار يجب الحد دون اللعان لوجود القذف منه وعدمه منها فجاء ما قلناه أطلقه فشمل ما إذا بدأت بقولها زنيت بك ثم قذفها أو قذفها ثم أجابت به للاحتمال المذكور ولا فرق بين الباء وكلمة مع كزنيت معك للاحتمال السابق [ ص: 41 ] مع احتمال آخر وهو إني زنيت بحضورك وأنت تشهد فلا يكون قذفا وقيد بكونها اقتصرت على هذه المقالة ; لأنها لو زادت قبل أن أتزوجك تحد المرأة دون الرجل ; لأن كلا منهما قذف صاحبه غير أنها صدقته فبطل موجب قذفه ولم يصدقها فوجب موجب قذفها وقيد بكونها امرأته ; لأنه لو كان ذلك كله مع امرأة أجنبية حدت المرأة دون الرجل لما ذكرنا من تصديقها وعدم الاحتمال الذي ذكرناه مع الزوجة وقيد بقولها زنيت بك ; لأنها لو قالت في جوابه أنت أزنى مني حد الرجل وحده كذا في الخانية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وعلى هذا الاعتبار يجب الحد دون اللعان ) صوابه اللعان دون الحد كما في الهداية والفتح وغيرهما .

                                                                                        وقوله : فجاء ما قلنا أي من بطلان الحد واللعان لوقوع الشك ، فإنه على تقدير يجب الحد دون اللعان وعلى تقدير يجب اللعان دون الحد والحكم بتعيين أحدهما متعذر فلا يجب واحد منهما كذا في الفتح ( قوله : أطلقه فشمل إلخ ) [ ص: 41 ] أي حيث لم يقل ولو قالت كذا في جوابه لكنه خلاف الظاهر كما في النهر ( قوله : لأنها لو قالت في جوابه أنت أزنى مني حد الرجل وحده ) هذا مبني على ما مر أوائل الباب عن الخانية مخالفا للظهيرية من أنه لا يجب الحد بأنت أزنى مني أما على ما في الظهيرية ، فإنها تحد بقولها ذلك وقدمنا هناك عن التتارخانية أن وجوب الحد به هو ما رواه الحسن عن أبي حنيفة وعدمه هو قول أبي يوسف بقي هنا شيء وهو أن قولها أنت أزنى مني قذف له صريحا بناء على ما في الظهيرية لكن هل يقال : إن فيه تصديقا له فتحد وحدها دونه كما لو قالت زنيت بك قبل أن أتزوجك على ما هو الأصل في أفعل التفضيل من اقتضائه المشاركة والزيادة أم لا فليراجع والظاهر الأول .




                                                                                        الخدمات العلمية