الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( مسألة ) قال في سماع أصبغ من كتاب طلاق السنة في رسم النكاح : وسئل ابن القاسم عمن نزلت به يمين في امرأته فأفتى بأن قد بانت ، فقال لها وللناس قد بانت مني ثم علم أنه لا شيء عليه ، فقال : لا ينفعه وأراها قد بانت إذا قال ذلك ، قال ابن رشد : هذا قول أشهب أيضا وحكى ابن حبيب عن مالك أنه لا شيء عليه ، وقال سحنون في كتاب ابنه : إن قال ذلك على وجه الخبر يخبر بما قيل له ولا شيء عليه وإن قال ذلك يريد الطلاق طلقت عليه والذي أقول به في هذا إن كان الذي أفتى به خطأ مخالفا للإجماع لا وجه له في الاجتهاد فلا شيء عليه وإن كان قول قائل وله وجه في الاجتهاد ومفتيه به من أهل الاجتهاد فالطلاق له لازم فينبغي أن يرد الاختلاف المذكور في المسألة إلى هذا وهذا كله إذا أتى مستفتيا وأما إن حضرته البينة بقوله قد بانت منه ثم ادعى أنه إنما قال ذلك ; لأنه أفتى به فلا يصدق في ذلك ويؤخذ بما ظهر من إقراره إلا أن تشهد بينة أنه أفتى بذلك فيصدق في أنه قال ذلك لذلك مع يمينه ، انتهى . واعلم أنه إذا قال اللفظ المذكور أو ما أشبهه يريد به الطلاق فلا إشكال في لزوم الطلاق كما قال سحنون وأما إن أراد الإخبار عما أفتى به فكما قال ابن رشد إن كان ما أفتى به مخالفا للإجماع لا وجه له في الاجتهاد فلا شيء عليه وإن كان قول قائل وله وجه في الاجتهاد ومفتيه من أهل الاجتهاد فالطلاق له لازم وبقي قسم وهو مفهوم من قول ابن رشد ومفتيه من أهل الاجتهاد وهو ما إذا كان مفتيه ليس من أهل الاجتهاد والترجيح وأفتاه بالقول المرجوح جهلا فهذا لا يلزمه شيء وهو مفهوم كلام ابن رشد ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية