الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( مسألة ) قال ابن رشد في نوازله في أول مسائل الحبس إذا قال الرجل : نسائي طوالق وله أربع نسوة ثم أتى مستفتيا وقال : أردت فلانة وفلانة وفلانة صدق ولم يلزمه طلاق الرابعة التي قال إنه لم يردها بقوله ولو قال : جميع نسائي طوالق لم ينو أنه أراد بعضهن لنصه على جميعهن إلا أن يقول قد استثنيت فقلت إلا فلانة أو نويت إلا فلانة فيصدق إذا أتى مستفتيا على الخلاف في الاستثناء بإلا دون تحريك اللسان إن كان قال : نويت إلا فلانة ، انتهى . والمشهور أن الاستثناء إنما يفيد بحركة اللسان إلا أن يكون عزل واحدة في يمينه أو لا فيكون من باب المحاشاة ، والله أعلم . وانظر أحكام ابن سهل فيمن حلف بطلاق امرأته ولا يعلم له الحاضرون إلا امرأة واحدة ثم أثبت أن له امرأتين وأنه أراد الثانيةوقد أطال الكلام في ذلك والمسألة في الجزء الأول قبل ترجمة من قال : جميع ما أملك حرام والمسألة في سماع أشهب وسماع أصبغ من العتبية ومما يناسب هذا المحل ما في سماع يحيى من الأيمان بالطلاق في رسم الصبرة في الرجل يقول امرأته طالق أو غلامه حر إن فعل كذا وكذا فحنث قيل إنه يخير فيقال له أوجب حنثا في أيهما شئت فأعتق العبد وإن شئت فطلق ، قال ابن رشد : وهذا كما قال لأن موضوع أو في اللسان الماضي الشك وفي المستقبل التخيير فوجب إذا قال الرجل : امرأتي طالق أو غلامي حر إن فعلت كذا فيفعله أنه يخير فيما شاء من ذلك إلا أن يقول ولا خيار لي في ذلك أو يريد ذلك فيلزمه عتق الغلام وطلاق المرأة ، وقال في رسم العارية من سماع عيسى من الكتاب المذكور : وسئل عن رجل قال : امرأته طالق ألبتة أو غلامه [ ص: 88 ] حر إن لم يفعل شيئا سماه فلم يفعل حتى مات ، قال : ترثه امرأته ويعتق الغلام في ثلثه ، قال ابن راشد : وهذا كما قال لأن الحالف ليفعلن فعلا هو على حنث حتى يفعل فإذا لم يفعل حتى مات وقع عليه الحنث بعد الموت بالطلاق أو بالعتق فوجب أن ترثه المرأة لأن الطلاق بعد الموت لا يصح وأن يعتق الغلام في الثلث على حكم العتق بعد الموت احتياطا للعتق ; ولأنه أيضا لو وقع عليه الحنث في حياته لخير بين العتق والطلاق إذ قد استثنى ذلك لنفسه فلما وقع على نفسه الحنث بعد الموت حمل على أنه لم يرد إلا العتق إذ لا يطلق أحد امرأته بعد موته ولو قال قائل : إن ورثته ينزلون بعد موته في التخيير منزلته في حياته لكان لذلك وجه لأن الأصل براءة الذمة والعتق لا يكون إلا بيقين ، انتهى . قال ابن عرفة بعد نقله لهذا الكلام ( قلت ) هذا وهم لأن لازم تخييره هو إيقاعه الطلاق بدل العتق وهذا بعد موته ممتنع والأصل في الفقه والبرهان أن انتفاء أحد الأمرين المخير فيهما موجب تعين الآخر كتعذر العتق والكسوة في الكفارة يوجب الإطعام ومن ثم كان انتفاء أحد جزأي الحقيقة المنفصلة ينتج ثبوت الآخر ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية