الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم .

                                                                                                                                                                                                                                      يفهم منه أن التكليف في حدود الاستطاعة ، ويبينه قوله تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ 2 \ 286 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به [ 2 \ 286 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحديث : " قال الله قد فعلت " ، وهذا في الأوامر دون النواهي ; لأن النواهي تروك .

                                                                                                                                                                                                                                      كما جاء في السنة : " ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه " ، وهذا من خصائص هذه الأمة .

                                                                                                                                                                                                                                      كما تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - عند أواخر سورة " البقرة " ، وتحقيق ذلك في رخص الصلاة ، والصيام ونحوهما .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون .

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا : الشح ، أخص من البخل ، وقيل البخل : أن تضن بمالك ، والشح أن تضن بمال غيرك ، والواقع أن الشح منتهى البخل ، وإن ذكره هنا بعد قضايا الأزواج والأولاد وفتنتهم وعداوتهم ، ثم الأمر بالسمع والطاعة والإنفاق في قوله : واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم [ 64 \ 16 ] ، يشعر بأن أكثر قضايا الزوجية منشؤها من جانب المال [ ص: 205 ] حرصا عليه أو بخلا به ، حرصا عليه بالسعي إليه بسببهم ، فقد يفتن في ذلك ، وشحا به بعد تحصيله فقد يعادونه فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      والعلاج الناجع في ذلك كله الإنفاق وتوقي الشح ، والشح من جبلة النفس وأحضرت الأنفس الشح [ 4 \ 128 ] ، وفي إضافة الشح إلى النفس مع إضافة الهداية فيما تقدم إلى القلب سر لطيف ، وهو أن الشح جبلة البشرية ، والهداية منحة إلهية ، والأولى قوة حيوانية ، والثانية قوة روحية .

                                                                                                                                                                                                                                      فعلى المسلم أن يغالب بالقوة الروحية ما جبل عليه من قوة بشرية ; لينال الفلاح والفوز ، كما أشار تعالى بقوله : المال والبنون زينة الحياة الدنيا . ثم قال : والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا [ 18 \ 46 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : واسمعوا وأطيعوا .

                                                                                                                                                                                                                                      أي : لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا ، ولا كقوم نوح الذين قال عنهم : وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا [ 71 \ 7 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ندد بقول الكفار : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه [ 41 \ 26 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - : اسمعوا ما يقال لكم ، وأطيعوا فيما سمعتم ، لا كمن قبلكم المشار إليهم بالآيات المتقدمة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية