الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 344 ] 272 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله

1653 - حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، قال : حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، قال : حدثنا مسعود بن سعد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم - وهو التيمي - عن الحارث بن سويد ، عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

1654 - ( ح ) وحدثنا فهد ، قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث النخعي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الأعمش ، قال : حدثني إبراهيم - يعني التيمي - عن الحارث ، قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه ، قال : فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر . }

[ ص: 345 ]

1655 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، قال : قال عبد الله بن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه ، قال : اعلموا ما تقولون ، قالوا : ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله ، قال : ما منكم من رجل إلا مال وارثه أحب إليه ، فقالوا : فكيف يا رسول الله ؟ قال : إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر } .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، أن ما أخره الرجل من ماله فلم يقدمه لله عز وجل فيما يكون ثوابا له عنده وزلفى له لديه ليس من ماله وليس ذلك أنه ليس ماله ، كما ليس مال غيره من الناس مالا له ، ولكنه عندنا - والله أعلم - ليس من ماله الذي هو أعلى أمواله في منافعها له ، إذ كان ما قدمه من ماله ينفعه في آخرته ، وما لم يقدمه منه لا ينفعه فيها ، فجاز بذلك أن يقال له ليس هو من ماله ، وجاز بذلك أن يضاف إلى من يحصل له بعد وفاته في الخير [ ص: 346 ] إلى خير أمواله له هو الذي يحصل له ثوابا عند ربه وزلفى لديه ، وما عسى أن يكون وارثه يقدمه ، فيكون له عند ربه عز وجل قربة إليه وزلفى لديه فيكون هو ماله الذي هو أعلى مراتب أمواله في منافعه في معاده .

ومما يدخل في هذا المعنى أيضا ما قد روي ، عن عبد الله بن الشخير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

1656 - كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن { مطرف بن عبد الله ، عن أبيه ، أنه انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ : ألهاكم التكاثر ، فقال : يقول ابن آدم مالي مالي وما لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت } .

1657 - وما قد حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن [ ص: 347 ] مطرف ، عن أبيه ، ثم ذكر مثله .

1658 - وما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا روح بن أسلم ، عن همام ، عن قتادة ، عن مطرف ، عن أبيه ، ثم ذكر مثله .

قال أبو جعفر : فكان ذلك على ، أن ما عاد من ماله إلى غيره بعد وفاته أنه ليس هو مالا له إذ لا منفعة له فيه حينئذ ، كما لا منفعة له في مال غيره ، ونعوذ بالله من ذلك وإياه نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية