الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      أجمع المفسرون هنا على أن الخيانة ليست زوجية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس : نساء الأنبياء معصومات ، ولكنها خيانة دينية بعدم إسلامهن وإخبار أقوامهن بمن يؤمن مع أزواجهن . اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد يستأنس لقول ابن عباس هذا بتحريم التزوج من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده ، والتعليل له بأن ذلك يؤذيه ، كما في قوله تعالى : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما [ 33 \ 53 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا كان تساؤلهن بدون حجاب يؤذيه ، والزواج بهن من بعده عند الله عظيم ، فكيف إذا كان غير التساؤل وبغير الزواج ؟ إن مكانة الأنبياء عند الله أعظم من ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، فيه بيان أن العلاقة الزوجية لا تنفع شيئا مع الكفر ، وقد بين تعالى ما هو أهم من ذلك في عموم القرابات كقوله تعالى : يوم لا ينفع مال ولا بنون [ 26 \ 88 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه الآية [ 80 \ 34 - 35 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وجعل الله هاتين المرأتين مثلا للذين كفروا ، وهو شامل لجميع الأقارب كما قدمنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد سمعت من الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في معرض محاضرة له الاستطراد في ذلك ، وذكر قصة هاتين المرأتين ، وقصة إبراهيم مع أبيه ونوح مع ولده ، فاستكمل جهات القرابات زوجة مع زوجها ، وولد مع والده ، ووالد مع ولده . وذكر حديث . " يا فاطمة اعملي ; فإني لا أغني عنك من الله شيئا " .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال : ليعلم المسلم أن أحدا لا يملك نفع أحد يوم القيامة ، ولو كان أقرب قريب [ ص: 225 ] إلا بواسطة الإيمان بالله ، وبما يكرم الله به من شاء بالشفاعة ، كما في قوله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم الآية [ 52 \ 21 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية