الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب الشفعة

                                                                                                                                                                              ذكر إثبات الشفعة للشريك وإبطالها عن الجار الذي ليس بشريك .

                                                                                                                                                                              8316 - حدثنا محمد بن علي ، ومحمد بن مهل ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة .

                                                                                                                                                                              8317 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن جريج ، أن أبا الزبير أخبره ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الشفعة في كل شرك في أرض ، أو ربع ، أو حائط ، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه ، فيأخذه أو يدع ، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه " . [ ص: 474 ]

                                                                                                                                                                              8318 - حدثني إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا أبو عاصم الضحاك ابن مخلد ، عن مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع أو أرض أو دار أو حائط .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الشفعة للجار اللازق ، ولغير الشريك .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : إذا وقعت الحدود فلا شفعة ، وإنما الشفعة فيما لم يقسم من الرباع والأرضين . هذا قول أكثر أهل العلم ، وقد روينا ذلك عن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان . [ ص: 475 ]

                                                                                                                                                                              8319 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : حدثني عون ، أنه سمع عبيد الله بن عبد الله بن عمر يحدث عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : إذا وقعت الحدود ، فليس بين الناس شفعة .

                                                                                                                                                                              8320 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا يحيى ، أن عون بن عبيد الله بن أبي رافع أخبره عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، أن عمر بن الخطاب قال : إذا وقعت الحدود وعرف الناس حقوقهم فلا شفعة بينهم .

                                                                                                                                                                              8321 - حدثنا محمد بن نصر قال : حدثنا علي بن حجر ، قال : أخبرنا هشيم ، عن محمد بن إسحاق ، عن منظور بن أبي ثعلبة ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان بن عفان قال : لا مكابلة ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة . [ ص: 476 ]

                                                                                                                                                                              8322 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا حجاج بن يوسف ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق قال : فحدثني محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، عن أبيه قال : سمعت أبي عثمان بن عفان يقول : لا مكابلة ، وإذا وقعت الحدود فلا شفعة ، إنما الشفعة قبل أن تقع السهمان ويتجاوز الناس ، فإذا لم يقع السهمان ، فالشفعة جائزة ، ليس أحد أحق بها من الشريك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وممن قال بهذا القول : سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ويحيى الأنصاري ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وأبو الزناد . وبه قال مالك بن أنس ، والمغيرة بن عبد الرحمن ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : الشريك أحق بالشفعة من الجار ، والجار أحق من غيره ، والجوار الحدود إذا كان حده إلى حده . هذا قول سفيان الثوري .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : الشريك في المنزل أحق بالشفعة من الجار ، فإن سلم الشفعة ، فإن الشريك في الدار والطريق أحق من جار الدار ، فإن سلم الشفعة الشريك في الدار فالجار أحق بالشفعة الملازق الذي داره لزيقة الدار التي فيها الشراء ، فإن كان بينهما طريق نافذ فلا حق له في الشفعة ، والله الموفق . [ ص: 477 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية