الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الصلح

فائدة : " الصلح " عبارة عن معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين مختلفين . قاله المصنف وغيره . قال ابن رزين في شرحه : هو الموافقة بعد المنازعة . انتهى .

و " الصلح " أنواع : صلح بين المسلمين وأهل الحرب . وتقدم في الجهاد . وصلح بين أهل البغي والعدل . ويأتي . وبين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما ، أو خافت الزوجة إعراض زوجها عنها . ويأتي أيضا . وبين المتخاصمين في غير المال ، أو في المال . وهو المراد هنا . وهو قسمان : صلح على الإقرار ، وصلح على الإنكار . وقسم بالمال . وهو الصلح مع السكوت عنه . قوله في صلح الإقرار ( أحدهما : الصلح على جنس الحق ، مثل أن يقر له بدين . فيضع عنه بعضه ، أو بعين . فيهب له بعضها ، [ ص: 235 ] ويأخذ الباقي . فيصح إن لم يكن بشرط . مثل أن يقول : على أن تعطيني الباقي ، أو يمنعه حقه بدونه ) . إذا أقر له بدين أو بعين ، فوضع عنه بعضه ، أو وهب له بعضها ، ومن غير شرط : فهو صحيح ; لأن الأول إبراء . والثاني هبة بلا نزاع ، لكن لا يصح بلفظ " الصلح " على الصحيح من المذهب ; لأنه هضم للحق . قال في الفرع : لا بلفظ " الصلح " على الأصح . قال الزركشي : هذا المشهور . وهو مختار القاضي ، وابن عقيل ، وغيرهما . قال القاضي : وهو مقتضى قول الإمام أحمد رحمه الله : ومن اعترف بحق فصالح على بعضه ، لم يكن صلحا ; لأنه هضم للحق . وقدمه في التلخيص . وغيره ، وهو مقتضى كلام الخرقي ، وابن أبي موسى . انتهى . وهو من المفردات . وعنه يصح بلفظ " الصلح " وهو ظاهر ما في الموجز ، والتبصرة . واختاره ابن البنا في خصاله .

فائدة : ظاهر كلام الخرقي : أن الصلح على الإقرار لا يسمى صلحا . وقاله ابن أبي موسى . وسماه القاضي وأصحابه صلحا . قال المصنف ، والشارح ، وغيرهما : والخلاف في التسمية . وأما المعنى : فمتفق عليه . قال الزركشي : وصورته الصحيحة عندهم : أن يعترف له بعين ، فيعاوضه عنها ، أو يهبه بعضها ، أو بدين . فيبرئه من بعضه ونحو ذلك . فيصح إن لم يكن بشرط ، ولا امتناع من أداء الحق بدونه . انتهى . وقول المصنف " إن لم يكن بشرط " له صورتان . إحداهما : أن يمنعه حقه بدونه . فالصلح في هذه الصورة : باطل ، قولا واحدا . [ ص: 236 ] والثانية : أن يقول : على أن تعطيني الباقي أو كذا . وما أشبهه . فالصلح أيضا في هذه الصورة باطل . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقطع به الأكثر . وقيل : يصح الصلح والحالة هذه .

التالي السابق


الخدمات العلمية