الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
التصحيف

772 - والعسكري والدارقطني صنفا فيما له بعض الرواة صحفا      773 - في المتن كالصولي ستا غير
شيئا أو الإسناد كابن الندر [ ص: 57 ]      774 - صحف فيه الطبري قالا
بذر بالباء ونقط ذالا      775 - وأطلقوا التصحيف فيما ظهرا
كقوله : احتجم مكان احتجرا      776 - وواصل بعاصم والأحدب
بأحول تصحيف سمع لقبوا      777 - وصحف المعنى إمام عنزه
ظن القبيل بحديث العنزه      778 - وبعضهم ظن سكون نونه
فقال : شاة خاب في ظنونه

( التصحيف ) الواقع في المشتبه من السند والمتن . ولو جعل بعد الغريب أو بعد المؤتلف والمختلف لكان حسنا ، وهو لكونه تحويل الكلمة من الهيئة المتعارفة إلى غيرها فن جليل مهم ، إنما ينهض بأعبائه من الحفاظ الحذاق .

[ الكتب المهمة في هذا الفن ] ( و ) الحافظان أبو أحمد ( العسكري ) وأبو الحسن ( الدارقطني صنفا

فيما له بعض الرواة صحفا

) .

وعلى ثانيهما اقتصر ابن الصلاح ، وقال : إنه مفيد . وأما أولهما فله في التصحيف عدة كتب ، أكبرها لسائر ما يقع فيه التصحيف من الأسماء والألفاظ غير مقتصر على الحديث . ثم أفرد منه كتابا يتعلق بأهل الأدب ، وهو ما يقع فيه التصحيف من ألفاظ اللغة والشعر ، وأسماء الشعراء والفرسان ، وأخبار العرب وأيامها ووقائعها وأماكنها وأنسابها . ثم آخر فيما يختص بالمحدثين من ذلك غير متقيد بما وقع فيه التصحيف فقط ، بل ذكر فيه ما هو معرض لذلك .

وفي بعض المحكي مما وقع لبعض المحدثين ما يكاد اللبيب يضحك منه .

[ غرض تصنيف تلك الكتب الإفصاح ] وكذا صنف فيه الخطابي وابن الجوزي ، لا لمجرد الطعن بذلك من أحد منهم في واحد ممن صحف ، ولا للوضع منه ، وإن كان المكثر ملوما ، والمشتهر به بين النقاد مذموما ، بل إيثارا لبيان الصواب ، وإشهارا [ ص: 58 ] له بين الطلاب ; ولهذا لما ذكر الخطيب في جامعه أنه عيب جماعة من الطلبة بتصحيفهم في الأسانيد والمتون ، ودون عنهم ما صحفوه ، قال : وأنا أذكر بعض ذلك ; ليكون داعيا لمن وقف عليه إلى التحفظ من مثله إن شاء الله ، لا سيما وينبغي لقارئ الحديث أن يتفكر فيما يقرؤه حتى يسلم منه .

وقول العسكري : إنه قد عيب بالتصحيف جماعة من العلماء ، وفضح به كثير من الأدباء ، وسموا الصحفية ، ونهي العلماء عن الحمل عنهم محمول على المتكرر منه ، وإلا فما يسلم من زلة وخطأ إلا من عصم الله ، والسعيد من عدت غلطاته .

قال الإمام أحمد : ومن يعرى عن الخطأ والتصحيف ؟ ! والإكثار منه إنما يحصل غالبا للآخذ من بطون الدفاتر والصحف ، ولم يكن له شيخ يوقفه على ذلك . ومن ثم حض الأئمة على تجنب الأخذ كذلك كما سلف في الفصل الخامس من صفة رواية الحديث . ويعلم أن اشتقاقه من الصحيفة ; لأن من ينقل كذلك ويغير يقال : إنه قد صحف ; أي : قد روى عن الصحف ، فهو مصحف ، ومصدره التصحيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية