الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في قتل الحيات

                                                                                                          1483 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبلى قال وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وأبي هريرة وسهل بن سعد قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي عن ابن عمر عن أبي لبابة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى بعد ذلك عن قتل جنان البيوت وهي العوامر ويروى عن ابن عمر عن زيد بن الخطاب أيضا وقال عبد الله بن المبارك إنما يكره من قتل الحيات قتل الحية التي تكون دقيقة كأنها فضة ولا تلتوي في مشيتها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2443 [ ص: 49 ] قوله : ( الحيات ) : جمع حية .

                                                                                                          2444 قوله : ( اقتلوا الحيات ) أي كلها عموما ( واقتلوا ) أي خصوصا ( ذا الطفيتين ) بضم الطاء المهملة وسكون الفاء ، أي صاحبهما ، وهي حية خبيثة على ظهرها خطان أسودان كالطفيتين . والطفية بالضم على ما في القاموس خوصة المقل ، والخوص بالضم ورق النخل ، الواحدة بهاء ، والمقل بالضم صمغ شجرة . وفي النهاية : الطفية خوصة المقل شبه به الخطان اللذان على ظهر الحية في قوله ذا الطفيتين ( والأبتر ) بالنصب عطفا على ذا ، قيل هو الذي يشبه المقطوع الذنب لقصر ذنبه وهو من أخبث ما يكون من الحيات ( فإنهما يلتمسان البصر ) أي يطلبانه وفي رواية الشيخين يطمسان البصر بفتح الياء وكسر الميم ، أي ويعميان البصر بمجرد النظر إليهما لخاصية السمية في بصرهما ( ويسقطان ) من الإسقاط ( الحبل ) بفتحتين ، أي الجنين عند النظر إليهما بالخاصة السمية . قال القاضي وغيره : جعل ما يفعلان بالخاصة كالذي يفعل بقصد وطلب ، وفي خواص الحيوان عجائب لا تنكر . وقد ذكر خواص الأفعى أن الحبل يسقط عند موافقة النظرين ، وفي خواص بعض الحيات أن رؤيتها تعمي ، ومن الحيات نوع يسمى الناظور متى وقع نظره على إنسان مات من ساعته ، ونوع آخر إذا سمع الإنسان صوته مات .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وأبي هريرة وسهل بن سعد ) أما حديث ابن مسعود فأخرجه أبو داود عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة . وله حديث آخر عند أبي داود والنسائي والطبراني . وأما حديث عائشة فلينظر من أخرجه . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه مرفوعا بلفظ : ما سالمناهن منذ حاربناهن ، يعني الحيات ومن ترك قتل شيء منهن خيفة فليس منا . وله أحاديث أخرى في هذا الباب ذكرها المنذري في الترغيب . وأما حديث سهل فلينظر من أخرجه .

                                                                                                          [ ص: 50 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان ( وقد روي عن ابن عمر عن أبي لبابة ) بضم اللام صحابي مشهور ( نهى بعد ذلك عن قتل جنان البيوت ) بكسر الجيم جمع جان الحية الدقيقة . وفي رواية الشيخين نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت أي صواحبها لملازمتها ( وهي ) أي جنان البيوت ( العوامر ) أي للبيوت حيث تسكنها ولا تفارقها ، واحدتها عامرة ، وقيل سميت بها لطول عمرها كذا في النهاية . وقال التوربشتي : عمار البيوت وعوامرها سكانها من الجن . وأخرج هذه الرواية الشيخان في حديث ابن عمر المذكور ولفظهما : قال عبد الله : فبينا أنا أطارد حية أقتلها ، ناداني أبو لبابة لا تقتلها ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الحيات ، فقال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهن العوامر .

                                                                                                          قوله : ( ويروى عن ابن عمر عن زيد بن الخطاب أيضا ) زيد بن الخطاب هذا هو أخو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وكان زيد أسن من عمر وأسلم قبله وكان طويلا بائن الطول وشهد بدرا والمشاهد ، له في الكتب حديث واحد في النهي عن قتل ذوات البيوت كذا في تهذيب التهذيب . قلت : حديث زيد بن الخطاب أخرجه مسلم وأبو داود .




                                                                                                          الخدمات العلمية