الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إنا بلوناهم الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة قال : هؤلاء ناس قص الله عليكم حديثهم، وبين لكم أمرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن جريج ، أن أبا جهل قال يوم بدر : خذوهم أخذا فاربطوهم في الجبال، ولا تقتلوا منهم أحدا، فنزل : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة يقول : في قدرتهم عليهم، كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : كما بلونا أصحاب الجنة قال : كانوا من أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : كما بلونا أصحاب الجنة قال : هم ناس من الحبشة، كانت لأبيهم جنة، وكان يطعم [ ص: 637 ] منها المساكين، فمات أبوهم، فقال بنوه : إن كان أبونا لأحمق حين كان يطعم المساكين، فأقسموا ليصرمنها مصبحين، وأن لا يطعموا مسكينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة قال : كانت الجنة لشيخ من بني إسرائيل، وكان يمسك قوت سنة ويتصدق بالفضل، وكان بنوه ينهونه عن الصدقة، فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا : لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين، وغدوا على حرد قادرين يقول : على جد من أمرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن سعيد بن جبير في قوله : كما بلونا أصحاب الجنة قال : هي أرض باليمن يقال لها : ضروان، بينها وبين صنعاء ستة أميال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن أبي مالك في قوله : ليصرمنها مصبحين قال : ليحضرنها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن أبي صالح في قوله : ولا يستثنون قال : كان استثناؤهم : سبحان الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 638 ] وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : فطاف عليها طائف من ربك قال : هو أمر من الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : فطاف عليها طائف من ربك قال : عذاب، عنق من نار خرجت من وادي الجنة؛ جنتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون قال : أتاها أمر الله ليلا، فأصبحت كالصريم قال : كأنها قد صرمت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عكرمة في قوله : فأصبحت كالصريم قال : كالليل المظلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مطر بن ميمون، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إياكم والمعاصي، فإن العبد ليذنب الذنب [ ص: 639 ] فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له» ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم قد حرموا خير جنتهم بذنبهم» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : كالصريم قال : مثل الليل الأسود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي في «مسائله»، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : كالصريم قال : الذاهب، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      غدوت عليه غدوة فوجدته قعودا لديه بالصريم عواذله



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : أن اغدوا على حرثكم قال : كان عنبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : وهم يتخافتون قال : الإسرار والكلام الخفي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : وهم يتخافتون قال : يسرون [ ص: 640 ] بينهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين، وغدوا على حرد قادرين قال : غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم، قادرون عليها في أنفسهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : على حرد قادرين يقول : ذو قدرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، عن مجاهد قال : وغدوا على حرد قادرين قال : غدوا على أمر قد قدروا عليه، وأجمعوا عليه في أنفسهم أن لا يدخل عليهم مسكين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن عكرمة في قوله : وغدوا على حرد قال : غيظ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن الحسن في قوله : وغدوا على حرد قال : على فقر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عامر في قوله : وغدوا على حرد يعني المساكين؛ بجد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : قالوا إنا لضالون قال : أضللنا مكان جنتنا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 641 ] وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : إنا لضالون قال : أخطأنا الطريق، ما هذه جنتنا، وفي قوله : بل نحن محرومون قال : بل حورفنا فحرمناها، وفي قوله : قال أوسطهم قال : أعدل القوم، وأحسن القوم فرعا، وأحسنهم رجعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : بل نحن محرومون قال : لما تبينوا وعرفوا معالم جنتهم قالوا : بل نحن محرومون محارفون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن معمر قال : قلت لقتادة : أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار؟ قال : لقد كلفتني تعبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد في قوله : قال أوسطهم قال : أعدلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عكرمة في قوله : قال أوسطهم يعني أعدلهم، وكل شيء في كتاب الله أوسط فهو أعدل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : قال أوسطهم قال : أعدلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ألم أقل لكم لولا تسبحون قال : كان استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 642 ] وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : لولا تسبحون قال : لولا تستثنون عند قولهم : ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون عند ذلك، وكان التسبيح استثناؤهم، كما نقول نحن : إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : كذلك العذاب قال : عقوبة الدنيا، ولعذاب الآخرة قال : عقوبة الآخرة، وفي قوله : سلهم أيهم بذلك زعيم قال : أيهم كفيل بهذا الأمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : تدرسون قال : تقرءون، وفي قوله : أيمان علينا بالغة قال : عهد علينا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية