الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب اللعان : هو لغة مصدر لاعن كقاتل ، من اللعن : وهو الطرد والإبعاد ، سمي به لا بالغضب للعنه نفسه قبلها والسبق من أسباب الترجيح . وشرعا ( شهادات ) أربعة كشهود الزنا ( مؤكدات بالأيمان مقرونة شهادته ) باللعن وشهادتها بالغضب لأنهن يكثرن اللعن ، فكان الغضب أردع لها ( قائمة ) شهاداته ( مقام حد القذف في حقه و ) شهاداتها ( مقام حد الزنا في حقها )

أي إذا تلاعنا سقط عنه حد القذف وعنها حد الزنا . [ ص: 483 ] لأن الاستشهاد بالله مهلك كالحد بل أشد . ( وشرطه قيام الزوجية وكون النكاح صحيحا ) لا فاسدا ، .

التالي السابق


باب اللعان

( قوله : مصدر لاعن ) أي سماعا ، والقياس الملاعنة ، لكن ذكر غير واحد من النحاة أنه قياسي أيضا نهر ( قوله : سمي به لا بالغضب ) أي مع أنه مشتمل على ذكر الغضب في جانبها كما اشتمل على ذكر اللعن في جانبه ( قوله : شهادات أربعة ) هذا بيان لركنه ، ودل على اشتراط أهليتهما للشهادة في حق كل منهما - كما سيصرح به - لا أهلية اليمين كما ذهب إليه الشافعي وسيأتي ( قوله : كشهود الزنا ) أي اعتبرناه بهم ، فالملاعن لما كان شاهدا لنفسه كرر عليه أربعا ، أفاده في شرح الملتقى ط ( قوله : مؤكدات بالأيمان ) أي مقويات بها لأن لفظه أشهد بالله كما سيأتي ( قوله : باللعن ) أي بعد الرابعة ومثله الغضب ( قوله : لأنهن يكثرن اللعن ) كما ورد في الحديث " { إنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير } " أي الزوج . قال في العناية : فعساهن يجترئن على الإقدام عليه لكثرة جريه على ألسنتهن وسقوط وقعه عن قلوبهن ، فقرن الركن في جانبهن بالغضب ردعا لهن عن الإقدام ( قوله : في حقه ) أي على تقدير كذبه : وظاهر إطلاقه يقتضي عدم قبول شهادته أبدا ، وبه جزم العيني هنا تبعا لما في الاختيار . وذكر الزيلعي في القذف أنها تقبل نهر ( قوله : ومقام حد الزنا في حقها ) أي على تقدير صدقه كما في النهر ح ( قوله : أي إذا تلاعنا إلخ ) [ ص: 483 ] بيان لوجه قيام الشهادات من الجانبين مقام الحدين ( قوله : مهلك ) أي إذا كان كاذبا كما في التبيين ح ( قوله : بل أشد ) لأن إهلاك الحد دنيوي وإهلاك التجرؤ على اسم الله تعالى أخروي - { ولعذاب الآخرة أشد } - ( قوله : وشرطه قيام الزوجية ) فلا لعان بقذف المنكوحة فاسدا ، أو المبانة ولو بواحدة ، بخلاف المطلقة رجعية ، ولا بقذف زوجته الميتة .

ويشترط أيضا : الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والنطق وعدم الحد في قذف ، وهذه شروط راجعة إليهما .ويشترط في القاذف خاصة : عدم إقامة البينة على صدقه ، وفي المقذوف خاصة إنكارها وجود الزنا منها ، وعفتها عنه . ويشترط أيضا كون القذف بصريح الزنا ، وكونه في دار الإسلام ، هذا حاصل ما في البحر عن البدائع ونفي الولد بمنزلة صريح الزنا ، ويأتي أكثر هذه الشروط في غضون كلامه .




الخدمات العلمية