الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( والسنة أن يبكر إلى الصلاة ليأخذ موضعه كما قلنا في الجمعة ، والمستحب أن يمشي ولا يركب ، { لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ركب في عيد ولا جنازة ، ولا بأس أن يركب في العود ; لأنه غير قاصد إلى قربة } )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الحديث ذكره الشافعي في الأم منقطعا مرسلا فقال : بلغنا أن الزهري قال : " { ما ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيد ولا في جنازة } " رواه البيهقي عن الشافعي هكذا ، وروى ابن ماجه بإسناده من ثلاثة طرق عن ابن عمر وأبي رافع وسعد القرظ رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " { كان يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا } " وليس في رواية أبي رافع ( ويرجع ماشيا ) ولكن أسانيد الجميع ضعيفة بينة الضعف وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه قال : " { من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا } " رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن وليس هو [ ص: 15 ] حسنا ، ولا يقبل قول الترمذي في هذا ، فإن مداره على الحارث الأعور ، واتفق العلماء على تضعيفه قال الشعبي وغيره : كان الحارث كذابا .

                                      وقول المصنف : لأنه غير قاصد إلى قربة قد يعترض عليه فيقال : قد ثبت في صحيح مسلم " { أن رجلا كان منزله بعيدا عن المسجد وكان يمشي إليه قال : يا رسول الله إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد جمع الله لك ذلك كله } " والجواب أن المصنف قال : لأنه غير قاصد إلى قربة ولم يقل : لأنه غير ماش في قربة ولا نفى ثوابه في الرجوع ، ورأيت من الناس من يسأل على هذا الحديث فيقول : قال : لم يركب في عيد ولا جنازة ، ولم يذكر الجمعة وهذه غفلة ظاهرة ; لأن الجمعة تصلى في المسجد ، وبيته صلى الله عليه وسلم بجنب المسجد فلا يتأتى الركوب إليها قال الشافعي والأصحاب : يستحب أن يبكر إلى صلاة العيد ويكون التبكير بعد الفجر ، ويأكل قبل الخروج تمرا كما سبق هذا في حق المأمومين ، فأما الإمام فيستحب له أن يتأخر في الخروج إلى الوقت الذي يصلى بهم فيه ; للأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " { كان إذا خرج يوم العيد فأول شيء يبدأ به الصلاة } " واتفق أصحابنا وغيرهم على هذا ، ونص عليه الشافعي في المختصر ، ودليله الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أبلغ في مهابته قال أصحابنا وغيرهم : ويستحب أن يمشي جميع الطريق ولا يركب في شيء منها إلا أن يكون له عذر كمرض وضعف ونحوهما ، فلا بأس بالركوب ، ولا يعذر بسبب منصبه ورياسته ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي في العيد وهو أكمل الخلق [ ص: 16 ] وأرفعهم منصبا قال أصحابنا : ولا بأس أن يركب في الرجوع لما ذكره المصنف واتفق الأصحاب على هذا قالوا : وصورته إذا لم يتضرر الناس بمركوبه ، فإن تضرروا به لزحمة وغيرها كره ; لما فيه من الإضرار




                                      الخدمات العلمية