الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب الرهن

                                                                                                                                                                              ذكر إباحة الرهن في الحقوق تكون للمرتهن على الراهن

                                                                                                                                                                              قال الله عز وجل : ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ) الآية .

                                                                                                                                                                              8344 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، قال : حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم توفي ودرعه رهن بثلاثين صاعا من شعير كان أخذه لأهله من يهودي .

                                                                                                                                                                              8345 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، أنه مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة ، قال : ولقد رهن درعا له بالمدينة عند يهودي فأخذ [منه ] شعيرا لأهله . [ ص: 520 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فالرهن جائز بكتاب الله في السفر ، وهو جائز في الحضر بالسنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رهن درعه بالمدينة وهو حاضر غير مسافر .

                                                                                                                                                                              وممن قال بظاهر هذا الحديث : سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والشافعي ، وعبيد الله بن الحسن ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم أحدا خالف ذلك في القديم والحديث إلا مجاهد فإنه ذكر أن ليس الرهن إلا في السفر .

                                                                                                                                                                              8346 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( فرهان مقبوضة ) قال : ليس الرهن إلا في السفر . [ ص: 521 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد يبيح الله الشيء في كتابه بشرط ، ثم يبيح ذلك الشيء بغير ذلك الشرط على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرهن جائز في السفر بالكتاب ، وفي الحضر بالسنة ، وبه قال عامة العلماء .

                                                                                                                                                                              8347 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا يعلى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي بنسيئة ورهنه درعا له من حديد .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا الخبر يدل على إباحة أن يرهن المسلم الذمي ما يجوز ملكه ويشتري منه ويبيعه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يبيع للرجل الشيء على أن يرهنه من ماله شيئا قد عرفه البائع والمشتري .

                                                                                                                                                                              فقال كل من نحفظ عنه من أهل العلم : لا يكون الرهن إلا مقبوضا ، فإن امتنع الراهن أن يقبض المرتهن الرهن لم يجبر على ذلك . [في ] قول الشافعي وأصحاب الرأي ، وللبائع الخيار في قول الشافعي في إتمام [ ص: 522 ] البيع بلا رهن أو رد البيع . وكان أبو ثور يقول : آخذ الرهن إن كان قائما فأدفعه إلى المرتهن ، وذلك أن العقد قد وقع عليه ، فلما منعه كان بمنزلة البيع .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية