الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 1330 ] الفصل الرابع

                          في أمر معاملتهم للمسلمين بالشركة ونحوها .

                          256 - فصل

                          قالوا : " ولا يشارك أحد منا مسلما في تجارة إلا أن يكون إلى المسلم أمر التجارة " .

                          وهذا لأن الذمي لا يتوقى مما يتوقى منه المسلم من العقود المحرمة والباطلة ولا يرون بيع الخمر والخنزير .

                          وقد قال إسحاق بن إبراهيم : سمعت أبا عبد الله - وسئل عن الرجل يشارك اليهودي والنصراني ؟ - قال : يشاركهم ، ولكن هو يلي البيع والشراء ، وذلك أنهم يأكلون الربا ويستحلون الأموال .

                          ثم قال أبو عبد الله : ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل )

                          وقال إبراهيم بن هانئ : سمعت أبا عبد الله قال في شركة اليهودي [ ص: 1331 ] والنصراني : أكرهه ، لا يعجبني إلا أن يكون المسلم الذي يلي البيع والشراء .

                          وقال أبو طالب والأثرم - واللفظ له - : سألت أبا عبد الله عن شركة اليهودي والنصراني ؟ فقال : شاركهم ، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه ويكون هو يليه ؛ لأنهم يعملون بالربا .

                          وقال إسحاق بن منصور : قلت لأبي عبد الله : قيل لسفيان : ما [ ترى ] في مشاركة اليهودي والنصراني ؟ قال : أما ما تغيب عنك فما يعجبني . قال أحمد : حسن .

                          وذكر عبد الله بن أحمد [ حدثني عبد الأعلى ] حدثنا حماد بن سلمة قال : قال إياس بن معاوية : إذا شارك المسلم اليهودي أو النصراني فكانت الدراهم مع المسلم فهو الذي يتصرف فيها في الشراء والبيع فلا بأس ، ولا يدفعها إلى اليهودي والنصراني يعملان فيها ؛ لأنهما يربيان .

                          قال : فسألت أبي عن ذلك فقال مثل قول إياس .

                          [ ص: 1332 ] وقال في رواية العباس بن محمد بن موسى الخلال في المسلم يدفع إلى الذمي مالا يشاركه ، قال : أما إذا كان هو يلي ذلك فلا ، إلا أن يكون المسلم يليه .

                          وقال في رواية حنبل : ما أحب مخالطته بسبب من الأسباب في الشراء والبيع - يعني المجوسي - .

                          [ وقال عبد الله بن حنبل : حدثني أبي : سألت عمي قلت له : ترى للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني ؟ قال : لا بأس ، إلا أنه لا تكن المعاملة في البيع والشراء إليه يشرف على ذلك ولا يدعه حتى يعلم معاملته وبيعه ] .

                          [ ص: 1333 ] فأما المجوسي فلا أحب مخالطته ولا معاملته ؛ لأنه يستحل ما لا يستحل هذا .

                          وكذلك قال في رواية حرب : لا يشاركه إلا أن يكون المسلم هو الذي يلي البيع والشراء .

                          وروى حرب ، عن عطاء مرسلا قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون البيع والشراء بيد المسلم .

                          وقد تقدمت هذه المسألة مستوفاة ، وإنما ذكرناها ليتم الكلام على شرح كتاب عمر رضي الله عنه لمن أراد أن يفرده من جملة الكتاب . وبالله التوفيق .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية