انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر :
اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=21481_21482الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر ، وقد كثر الاختلاف فيها فقال قائلون : لا صغيرة ولا كبيرة ، بل كل مخالفة لله فهي كبيرة ، وهذا ضعيف ؛ إذ قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) [ النساء : 31 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) [ النجم : 32 ] .
وقال بعض السلف : "كل ما أوعد الله عليه بالنار فهو من الكبائر " .
وقد روي عن الصحابة والتابعين في
nindex.php?page=treesubj&link=27530عدد الكبائر أقوال ، وذهب "
nindex.php?page=showalam&ids=16161أبو طالب المكي " إلى أنها سبع عشرة ، جمعها من الأخبار والآثار :
أربع في القلب : وهي الشرك بالله ، والإصرار على معصيته ، والقنوط من رحمته ، والأمن من مكره .
وأربع في اللسان : وهي شهادة الزور ، وقذف المحصن ، والسحر ، واليمين
[ ص: 274 ] الغموس وهي التي يحق بها باطلا أو يبطل بها حقا ، وقيل : هي التي يقتطع بها مال امرئ مسلم باطلا ، ولو سواكا من أراك ، سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار .
وثلاث في البطن : وهي شرب الخمر والمسكر من كل شراب ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الربا وهو يعلم .
واثنتان في الفرج : وهما الزنا واللواط .
واثنتان في اليدين : وهما القتل والسرقة .
وواحدة في الرجلين : وهو الفرار من الزحف أن يفر الواحد من اثنين والعشرة من العشرين .
وواحدة في جميع الجسد : وهو عقوق الوالدين ، وجملة عقوقهما أن يقسما عليه في حق فلا يبر قسمهما ، وإن سألاه حاجة فلا يعطيهما ، وإن يسباه فيضربهما ، ويجوعان فلا يطعمهما .
هذا كلام
أبي طالب وهو قريب ، إلا أنه لم يرد تفصيلها بعد ، ولا حد جامع بل ورد بألفاظ مختلفات ، والحق في ذلك أن الذنوب منقسمة في نظر الشرع إلى ما يعلم استعظامه إياها ، وإلى ما يعلم أنها معدودة في الصغائر ، وإلى ما يشك فيه فلا يدرى حكمه ، وربما قصد الشارع الإبهام ؛ ليكون العباد على وجل وحذر فلا يتجرؤون على الصغائر .
ثم إن اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة إذا اجتنبها مع القدرة والإرادة ، كمن يتمكن من امرأة ومن مواقعتها فيكف نفسه عن الوقاع مجاهدا نفسه ، فإن امتنع لعجز أو خوف فهذا لا يصلح للتكفير أصلا .
انْقِسَامُ الذُّنُوبِ إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ :
اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21481_21482الذُّنُوبَ تَنْقَسِمُ إِلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ ، وَقَدْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا فَقَالَ قَائِلُونَ : لَا صَغِيرَةَ وَلَا كَبِيرَةَ ، بَلْ كُلُّ مُخَالَفَةٍ لِلَّهِ فَهِيَ كَبِيرَةٌ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ إِذْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=31إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) [ النِّسَاءِ : 31 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) [ النَّجْمِ : 32 ] .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : "كُلُّ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ فَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ " .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27530عَدَدِ الْكَبَائِرِ أَقْوَالٌ ، وَذَهَبَ "
nindex.php?page=showalam&ids=16161أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ " إِلَى أَنَّهَا سَبْعَ عَشْرَةَ ، جَمَعَهَا مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ :
أَرْبَعٌ فِي الْقَلْبِ : وَهِيَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِهِ .
وَأَرْبَعٌ فِي اللِّسَانِ : وَهِيَ شَهَادَةُ الزُّورِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنِ ، وَالسِّحْرُ ، وَالْيَمِينُ
[ ص: 274 ] الْغَمُوسُ وَهِيَ الَّتِي يُحِقُّ بِهَا بَاطِلًا أَوْ يُبْطِلُ بِهَا حَقًّا ، وَقِيلَ : هِيَ الَّتِي يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بَاطِلًا ، وَلَوْ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ ، سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ .
وَثَلَاثٌ فِي الْبَطْنِ : وَهِيَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا ، وَأَكْلُ الرِّبَا وَهُوَ يَعْلَمُ .
وَاثْنَتَانِ فِي الْفَرَجِ : وَهُمَا الزِّنَا وَاللِّوَاطُ .
وَاثْنَتَانِ فِي الْيَدَيْنِ : وَهُمَا الْقَتْلُ وَالسَّرِقَةُ .
وَوَاحِدَةٌ فِي الرِّجْلَيْنِ : وَهُوَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ أَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنِ اثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةُ مِنَ الْعِشْرِينَ .
وَوَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ : وَهُوَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَجُمْلَةُ عُقُوقِهِمَا أَنْ يُقْسِمَا عَلَيْهِ فِي حَقٍّ فَلَا يَبَرُّ قَسَمَهُمَا ، وَإِنْ سَأَلَاهُ حَاجَةً فَلَا يُعْطِيهِمَا ، وَإِنْ يَسُبَّاهُ فَيَضْرِبُهُمَا ، وَيَجُوعَانِ فَلَا يُطْعِمُهُمَا .
هَذَا كَلَامُ
أبي طالب وَهُوَ قَرِيبٌ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَفْصِيلُهَا بَعْدُ ، وَلَا حَدٌّ جَامِعٌ بَلْ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَاتٍ ، وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الذُّنُوبَ مُنْقَسِمَةٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِلَى مَا يُعْلَمُ اسْتِعْظَامُهُ إِيَّاهَا ، وَإِلَى مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مَعْدُودَةٌ فِي الصَّغَائِرِ ، وَإِلَى مَا يُشَكُّ فِيهِ فَلَا يُدْرَى حُكْمُهُ ، وَرُبَّمَا قَصَدَ الشَّارِعُ الْإِبْهَامَ ؛ لِيَكُونَ الْعِبَادُ عَلَى وَجَلٍ وَحَذَرٍ فَلَا يَتَجَرَّؤُونَ عَلَى الصَّغَائِرِ .
ثُمَّ إِنَّ اجْتِنَابَ الْكَبِيرَةِ إِنَّمَا يُكَفِّرُ الصَّغِيرَةَ إِذَا اجْتَنَبَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ ، كَمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنِ امْرَأَةٍ وَمِنْ مُوَاقَعَتِهَا فَيَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الْوِقَاعِ مُجَاهِدًا نَفْسَهُ ، فَإِنِ امْتَنَعَ لِعَجْزٍ أَوْ خَوْفٍ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِلتَّكْفِيرِ أَصْلًا .