الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 583 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ( 26 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ومثل الشرك بالله ، وهي "الكلمة الخبيثة" كشجرة خبيثة .

اختلف أهل التأويل فيها أي شجرة هي؟

فقال أكثرهم : هي الحنظل .

ذكر من قال ذلك :

20737 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : سمعت أنس بن مالك ، قال في هذا الحرف : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال : الشريان؟ فقلت : ما الشريان؟ قال رجل عنده : الحنظل ، فأقر به معاوية .

20738 - حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثنا شبابة قال : أخبرنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال : الحنظل .

20739 - حدثنا الحسن قال : حدثنا عمرو بن الهيثم قال : حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك قال : الشريان ، يعني الحنظل .

20740 - حدثنا أحمد بن منصور قال : حدثنا نعيم بن حماد قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن ابن جريج ، عن الأعمش ، عن حبان بن شعبة ، [ ص: 584 ] عن أنس بن مالك في قوله : ( كشجرة خبيثة ) ، قال : الشريان . قلت لأنس : ما الشريان؟ قال : الحنظل .

20741 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا شعيب قال : خرجت مع أبي العالية نريد أنس بن مالك ، فأتيناه ، فقال : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، تلكم الحنظل .

20742 - حدثنا الحسن قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس ، مثله .

20743 - حدثنا المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس ، عن أنس بن مالك قال : "الشجرة الخبيثة" الشريان . فقلت : وما الشريان؟ قال : الحنظل .

20744 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن شعيب ، عن أنس قال : تلكم الحنظل .

20745 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا مهدي بن ميمون ، عن شعيب قال : قال أنس : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، الآية قال : تلكم الحنظل ، ألم تروا إلى الرياح كيف تصفقها يمينا وشمالا؟

20746 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن [ ص: 585 ] ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( كشجرة خبيثة ) ، الحنظلة .

وقال آخرون : هذه الشجرة لم تخلق على الأرض .

ذكر من قال ذلك :

20747 - حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال : حدثنا عفان قال : حدثنا أبو كدينة قال : حدثنا قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال : هذا مثل ضربه الله ، ولم تخلق هذه الشجرة على وجه الأرض .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال : هي الحنظلة ، خبر . فإن صح ، فلا قول يجوز أن يقال غيره ، وإلا فإنها شجرة بالصفة التي وصفها الله بها .

ذكر الخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

20748 - حدثنا سوار بن عبد الله قال : حدثنا أبي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال : هي الحنظلة قال شعيب : وأخبرت بذلك أبا العالية فقال : كذلك كانوا يقولون . [ ص: 586 ]

وقوله : ( اجتثت من فوق الأرض ) ، يقول : استؤصلت . يقال منه : اجتثثت الشيء ، أجتثه اجتثاثا : إذا استأصلته .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

20749 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( اجتثت من فوق الأرض ) ، قال : استؤصلت من فوق الأرض .

( ما لها من قرار ) ، يقول : ما لهذه الشجرة من قرار ولا أصل في الأرض تثبت عليه وتقوم . وإنما ضربت هذه الشجرة التي وصفها الله بهذه الصفة لكفر الكافر وشركه به مثلا . يقول : ليس لكفر الكافر وعمله الذي هو معصية الله في الأرض ثبات ، ولا له في السماء مصعد؛ لأنه لا يصعد إلى الله منه شيء .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

20750 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر . يقول : إن الشجرة الخبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار . يقول : الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله ، فليس له أصل ثابت في الأرض ، ولا فرع في السماء . يقول : ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة . [ ص: 587 ]

20751 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال قتادة : إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال : ما تقول في" الكلمة الخبيثة" فقال : ما أعلم لها في الأرض مستقرا ، ولا في السماء مصعدا ، إلا أن تلزم عنق صاحبها ، حتى يوافي بها القيامة .

20752 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي العالية : أن رجلا خالجت الريح رداءه فلعنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تلعنها ، فإنها مأمورة ، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة على صاحبها .

20753 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال : هذا الكافر ليس له عمل في الأرض ، ولا ذكر في السماء ( اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، قال : لا يصعد عمله إلى السماء ، ولا يقوم على الأرض . فقيل : فأين تكون أعمالهم؟ قال : يحملون أوزارهم على ظهورهم . [ ص: 588 ]

20754 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ) ، قال : مثل الكافر ، لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح .

20755 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قال : ( ومثل كلمة خبيثة ) ، وهي الشرك ( كشجرة خبيثة ) ، يعني الكافر . قال : ( اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، يقول : الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان ، ولا يقبل الله مع الشرك عملا .

20756 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ) ، قال : مثل الشجرة الخبيثة مثل الكافر ليس لقوله ولا لعمله أصل ولا فرع ، ولا قوله ولا عمله يستقر على الأرض ولا يصعد إلى السماء .

20757 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول : ضرب الله مثل الكافر ( كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) ، يقول : ليس لها أصل ولا فرع ، وليست لها ثمرة ، وليس فيها منفعة ، كذلك الكافر ليس يعمل خيرا ولا يقوله ، ولم يجعل الله فيه بركة ولا منفعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية