الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما لا يجوز من بيع الحيوان

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها [ ص: 452 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 452 ] 26 - باب ما لا يجوز من بيع الحيوان

                                                                                                          1357 1343 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ) نهي تحريم ( عن بيع حبل الحبلة ) بفتح الحاء والموحدة فيهما إلا أن الأول مصدر حبلت المرأة والثاني اسم جمع حابل كظالم وظلمة وكاتب وكتبة وقال الأخفش : هو جمع حابلة .

                                                                                                          ابن الأنباري : التاء في الحبلة للمبالغة كقولهم : شجرة أبو عبيد ، والحبل مختص بالآدميات ولا يقال في غيرهن من الحيوان إلا حمل إلا ما في الحديث ، ورواه بعضهم بسكون الباء في الأول وهو غلط قاله عياض .

                                                                                                          ( وكان ) بيع الحبلة ( بيعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل ) منهم ( يبتاع الجزور ) بفتح الجيم وضم الزاي وهو البعير ذكرا كان أو أنثى ( إلى أن تنتج ) بضم الفوقية وسكون النون وفتح الفوقية الثانية أي تلد ، وهو من الأفعال التي لم تسمع إلا مبنية للمفعول نحو : جن وزهي علينا أي تكبر ( الناقة ) مرفوعا بإسناد تنتج إليها أي تضع ولدها ، فولدها نتاج بكسر النون من تسمية المفعول بالمصدر ( ثم ينتج الذي في بطنها ) أي ثم تعيش المولودة حتى تكبر ثم تلد ، وعلة النهي ما في الأجل من الغرر ، وهذا التفسير من قول ابن عمر كما جزم به ابن عبد البر وغيره لما في مسلم من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : " كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة ، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " وبه فسره مالك والشافعي وغيرهما ، وقيل هو بيع ولد ولد الناقة الحامل في الحال بأن يقول : إذا نتجت هذه الناقة ثم نتجت التي في بطنها فقد بعتك ولدها ، فنهى عنه لأنه بيع ما ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه فهو غرر ، وبه فسره أحمد وإسحاق وجماعة من اللغويين وهو أقرب إلى اللفظ لكن الأول أقوى لأنه تفسير ابن عمر ، وليس مخالفا للظاهر فإن ذاك هو الذي كان في الجاهلية والنهي وارد عليه ، ومذهب المحققين من أهل الأصول تقديم تفسير الراوي إذا لم يخالف الظاهر ، قال الطيبي : فإن قيل تفسيره مخالف لظاهر الحديث فكيف يقال إذا لم يخالف الظاهر ؟ وأجاب باحتمال أن المراد بالظاهر الواقع ، فإن هذا البيع كان في الجاهلية بهذا الأجل فليس التفسير حلا للفظ بل بيانا للواقع ، ومحصل هذا الخلاف كما [ ص: 453 ] قال ابن التين هل المراد البيع إلى أجل أو بيع الجنين ؟ وعلى الأول هل المراد بالأجل ولادة الأم أو ولادة ولدها ؟ وعلى الثاني هل المراد بيع الجنين الأول أو بيع جنين الجنين ؟ فصارت أربعة أقوال اهـ .

                                                                                                          وقال المبرد : هو عندي بيع حبل الكرمة والحبلة الكرمة لأنها تحبل بالعنب كما جاء في حديث آخر : " نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه " ويكون هذا أصلا في منع البيع بثمن إلى أجل مجهول ، قال السهيلي : وهو غريب لم يسبقه إليه أحد في تأويل الحديث .

                                                                                                          وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به وتابعه الليث عن نافع عند مسلم بدون ذكر التفسير وعبيد الله عن نافع كما علم .




                                                                                                          الخدمات العلمية