الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول الله تعالى يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم فجاجا الطرق الواسعة

                                                                                                                                                                                                        1443 حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحليفة ثم يهل حتى تستوي به قائمة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب قول الله تعالى : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) قيل : إن المصنف أراد أن الراحلة ليست شرطا للوجوب ، وقال ابن القصار : في الآية دليل قاطع لمالك أن الراحلة ليست من شرط السبيل ، فإن المخالف يزعم أن الحج لا يجب على الراجل وهو خلاف الآية . انتهى وفيه نظر ، [ ص: 444 ] ، وقد روى الطبري من طريق عمر بن ذر ، قال : قال مجاهد : كانوا لا يركبون ، فأنزل الله : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ، فأمرهم بالزاد ، ورخص لهم في الركوب والمتجر . وروى ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب ، عن ابن عباس : ما فاتني شيء أشد علي أن لا أكون حججت ماشيا ، لأن الله يقول : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر فبدأ بالرجال قبل الركبان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فجاجا : الطرق الواسعة ) قال يحيى الفراء في " المعاني " في سورة نوح : قوله : فجاجا ، واحدها فج ، وهي الطرق الواسعة . واعترضه الإسماعيلي فقال : يقال : الفج الطريق بين الجبلين ، فإذا لم يكن كذلك لم يسم الطريق فجا ، كذا قال ، وهو قول بعض أهل اللغة ، وجزم أبو عبيد ثم الأزهري بأن الفج الطريق الواسع ، وقد نقل صاحب " المحكم " أن الفج الطريق الواسع في جبل أو في قبل جبل ، وهو أوسع من الشعب . وروى ابن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( فجاجا ) يقول : طرقا مختلفة . ومن طريق شعبة ، عن قتادة قال : طرقا وأعلاما . وقال أبو عبيدة في " المجاز " : فج عميق أي بعيد القعر ، وهذا تفسير العميق ، يقال : بئر عميقة القعر أي بعيدة القعر . ثم ذكر المصنف حديث ابن عمر في إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته ، وحديث جابر نحوه ، وسيأتي الكلام عليه بعد أبواب ، وغرضه منه الرد على من زعم أن الحج ماشيا أفضل لتقديمه في الذكر على الراكب ، فبين أنه لو كان أفضل لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، بدليل أنه لم يحرم حتى استوت به راحلته ، ذكر ذلك ابن المنير في الحاشية . وقال غيره : مناسبة الحديث للآية أن ذا الحليفة فج عميق والركوب مناسب لقوله : " وعلى كل ضامر " . وقال الإسماعيلي : ليس في الحديثين شيء مما ترجم الباب به ، ورد بأن فيهما الإشارة إلى أن الركوب أفضل فيؤخذ منه جواز المشي .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية