الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قال نوح رب الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج سعيد بن منصور ، عن إبراهيم النخعي، أنه كان يقرأ : (ماله وولده) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 712 ] وأخرج سعيد بن منصور ، عن الحسن وأبي رجاء، أنهما كانا يقرأان : ماله وولده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن الأعمش ، أنه كان يقرؤها في «نوح» و«الزخرف» وما بعد السجدة من «مريم» : (ولد)، وقال : الولد الكثير، والولد الواحد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : ومكروا مكرا كبارا قال عظيما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس : ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا قال : هذه أصنام كانت تعبد في زمن نوح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، وكانوا أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك [ ص: 713 ] أولئك، ونسخ العلم عبدت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عروة قال : اشتكى آدم - عليه السلام - وعنده بنوه : ود ويغوث، ويعوق، وسواع، ونسر، وكان ود أكبرهم وأبرهم به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن أبي عثمان قال : رأيت يغوث صنما من رصاص يحمل على جمل أجرد، فإذا برك قالوا : قد رضي ربكم هذا المنزل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفاكهي، عن عبيد الله بن عبيد بن عمير قال : أول ما حدثت الأصنام على عهد نوح، وكانت الأبناء تبر الآباء، فمات رجل منهم، فجزع عليه، فجعل لا يصبر عنه، فاتخذ مثالا على صورته، فكلما اشتاق إليه نظره، ثم مات، ففعل به كما فعل، حتى تتابعوا على ذلك، فمات الآباء، فقال الأبناء : ما اتخذ هذه آباؤنا إلا أنها كانت آلهتهم، فعبدوها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن محمد بن كعب في قوله : ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح فنشأ قوم [ ص: 714 ] بعدهم يأخذون لأخذهم في العبادة، فقال لهم إبليس : لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم، فصوروا، ثم ماتوا، فنشأ قوم بعدهم، فقال لهم إبليس : إن الذين كانوا من قبلكم كانوا يعبدونها، فعبدوها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في «العظمة» عن محمد بن كعب القرظي قال : كان لآدم خمسة بنين : ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، وكانوا عبادا، فمات رجل منهم، فحزنوا عليه حزنا شديدا، فجاءهم الشيطان فقال : حزنتم على صاحبكم هذا؟ قالوا : نعم، قال : هل لكم أن أصور لكم مثله في قبلتكم، إذا نظرتم إليه ذكرتموه؟ قالوا : لا؛ نكره أن تجعل لنا في قبلتنا شيئا نصلي إليه، قال : فأفعله في مؤخر المسجد؟ قالوا : نعم، فصوره لهم، حتى مات خمستهم، فصور صورهم في مؤخر المسجد فنقصت الأشياء حتى تركوا عبادة الله وعبدوا هؤلاء، فبعث الله نوحا، فقالوا : ولا تذرن ودا إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن أبي مطهر قال : ذكروا عند أبي جعفر يزيد بن المهلب فقال : أما إنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله، ثم ذكر ودا قال : وكان ود رجلا مسلما، وكان محببا في قومه، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل، وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان، ثم قال : أرى جزعكم على هذا، فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في [ ص: 715 ] ناديكم، فتذكرونه به؟ قالوا : نعم، فصور لهم مثله، فوضعوه في ناديهم، وجعلوا يذكرونه، فلما رأى ما بهم من ذكره، قال : هل لكم أن أجعل لكم في منزل كل رجل منكم تمثالا مثله، فيكون في بيته فتذكرونه؟ قالوا : نعم، فصور لكل أهل بيت تمثالا مثله، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال : وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، وتناسلوا، ودرس أمر ذكرهم إياه، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله، قال : وكان أول ما عبد غير الله في الأرض ود، الصنم الذي سموه بود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن السدي ، سمع مرة يقول في قول الله : ولا يغوث ويعوق ونسرا قال : أسماء آلهتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عاصم ، أنه قرأ : وولده بنصب الواو، ولا تذرن ودا بنصب الواو، ولا سواعا برفع السين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، عن أبي أمامة قال : لم يتحسر أحد من الخلائق كحسرة آدم ونوح، فأما حسرة آدم فحين أخرج من الجنة، وأما حسرة نوح فحين دعا على قومه، فلم يبق شيء إلا غرق، إلا ما كان معه في السفينة، فلما رأى الله حزنه أوحى إليه : يانوح، لا تتحسر؛ فإن دعوتك وافقت قدري .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن الضحاك في قوله : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا قال : واحدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا قال : أما والله، ما دعا عليهم نوح حتى أوحى الله إليه : (أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) [هود : 36] فعند ذلك دعا عليهم، ثم دعا دعوة عامة، فقال : رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله : رب اغفر لي ولوالدي قال : يعني أباه وجده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن الضحاك في قوله : ولمن دخل بيتي مؤمنا قال : مسجدي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : ولا تزد الظالمين إلا تبارا قال : خسارا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية