الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة عبد المطلب وكفالة أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم

ثم إن عبد المطلب بن هاشم هلك عن سن عالية مختلف في حقيقتها، قال أبو الربيع بن سالم: أدناها فيما انتهى إلي ووقفت عليه: خمس وتسعون سنة، ذكره الزبير، وأعلاها فيما ذكره الزبير أيضا عن نوفل بن عمارة، قال: كان عبيد بن الأبرص ترب عبد المطلب، وبلغ عبيد مائة وعشرين سنة، وبقي عبد المطلب بعده عشرين سنة. وكانت وفاته سنة تسع من عام الفيل، وللنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ثمان سنين، وقيل: بل توفي عبد المطلب وهو ابن ثلاث سنين. حكاه أبو عمر.

وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مهلك جده عبد المطلب مع عمه أبي طالب، وكان عبد المطلب يوصيه به فيما يزعمون، وذلك أن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا طالب أخوان لأب وأم; فكان أبو طالب هو الذي يلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده، فكان إليه ومعه.

وذكر الواقدي أن أبا طالب كان مقلا من المال، وكانت له قطعة من الإبل تكون بعرنة ، فيبدو إليها فيكون فيها، ويؤتى بلبنها إذا كان حاضرا بمكة، فكان عيال أبي طالب إذا أكلوا جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم النبي صلى الله عليه وسلم شبعوا، فكان أبو طالب إذا أراد أن يغديهم أو يعشيهم يقول: كما أنتم حتى يأتي ابني. فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم فيفضلون من طعامهم، وإن كان لبنا شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم، ثم يناول القعب فيشربون منه فيروون من عند آخرهم من القعب الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعبا وحده، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك. وكان الصبيان يصبحون [ ص: 104 ] شعثا رمصا ، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دهينا كحيلا.

وقالت أم أيمن - وكانت تحضنه - ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا جوعا قط ولا عطشا، وكان يغدو إذا أصبح فيشرب من ماء زمزم شربة، فربما عرضنا عليه الغداء فيقول: أنا شبعان.

[ ص: 105 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية