الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ( 44 ) )

يقول تعالى ذكره : وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الإسلام ما هو نازل بهم ، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة . ( فيقول الذين ظلموا ) يقول : فيقول الذين كفروا بربهم ، فظلموا بذلك أنفسهم ( ربنا أخرنا ) أي أخر عنا عذابك ، وأمهلنا ( إلى أجل قريب نجب دعوتك ) الحق ، فنؤمن بك ، ولا نشرك بك شيئا ، ( ونتبع الرسل ) يقولون : ونصدق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) [ ص: 36 ] قال : يوم القيامة ( فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب ) قال : مدة يعملون فيها من الدنيا .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) يقول : أنذرهم في الدنيا قبل أن يأتيهم العذاب .

وقوله : ( فيقول الذين ظلموا ) رفع عطفا على قوله ( يأتيهم ) في قوله ( يأتيهم العذاب ) وليس بجواب للأمر ، ولو كان جوابا لقوله ( وأنذر الناس ) جاز فيه الرفع والنصب . أما النصب فكما قال الشاعر :

يا ناق سيري عنقا فسيحا إلى سليمان فنستريحا والرفع على الاستئناف . وذكر عن العلاء بن سيابة أنه كان ينكر النصب في جواب الأمر بالفاء ، قال الفراء : وكان العلاء هو الذي علم معاذا وأصحابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية