الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 396 ] 280 - باب بيان مشكل ما روي عن عمران بن حصين في كيفية الصلاة التي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بها لما كان به الناصور وفي صلاة القاعد ما عدلها من صلاة القائم وفي صلاة النائم وهو المضطجع ما عدلها من صلاة القاعد

1693 - حدثنا محمد بن النعمان السقطي ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري ، قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، عن { عمران بن حصين ، قال : كان بي الناصور ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ، فقال : صل قائما ، فإن لم تقدر فقاعدا ، فإن لم تقدر فعلى جنب } .

1694 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، قال : [ ص: 397 ] حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، قال : حدثنا حسين المعلم ، عن عبد الله بن بريدة ، عن { عمران بن الحصين ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، عن صلاة الرجل وهو قاعد ، فقال : من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا ، فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد } .

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى اضطراب حديث عمران ، هذا لاختلاف إبراهيم بن طهمان وعيسى بن يونس فيما روياه عليه ، عن حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، عن عمران ولم يكن ذلك عندنا كما ذكروا ، ولكنهما حديثان مختلفان فحديث إبراهيم منهما جواب من النبي صلى الله عليه وسلم لعمران في كيفية الصلاة التي سأله عنها وحديث عيسى منهما إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بعدل صلاة القاعد للتطوع من صلاة القائم ، وذلك عندنا والله أعلم على المصلي تطوعا قاعدا وهو يطيق أن يصلي قائما ، فيكون له بذلك نصف ما يكون له لو صلى قائما ، وليس هو على صلاته قاعدا ، وهو لا يطيق القيام ، ذلك صلاته قاعدا فيما [ ص: 398 ] يكتب له من الثواب بها كصلاته إياها قائما ؛ لأنه هاهنا قد قصد إلى القيام ، وقصر به عنه ، فاستحق من الثواب ما يستحقه لو صلاها قائما ، فكان إذا كان يطيق القيام فصلى قاعدا قد ترك القيام اختيارا ، فلم يكتب له ثوابه ، وكتب له ثواب المصلي قاعدا على صلاته كذلك .

ثم تأملنا قوله صلى الله عليه وسلم : { من صلى نائما فله نصف أجر المصلي قاعدا } ، فوجدنا المصلي قاعدا الذي يستطيع الركوع والسجود في قعوده ليس له أن يصلي نائما على جنبه .

فعقلنا بذلك أنه لم يرد بما في هذا الحديث من هذا المعنى من يصلي نائما ، وهو يطيق الصلاة قاعدا يركع فيها ويسجد فيها ، فكان من يصلي قاعدا ممن لا يستطيع السجود إلا بالإيماء له أن يصلي على جنبه يومئ بالركوع والسجود ، فعقلنا بذلك أنه النائم المكتوب له بصلاته ، كذلك نصف أجر القاعد ؛ لأنه كان قادرا أن يصلي قاعدا يومئ في قعوده بالركوع والسجود ، فصلى نائما يومئ بالركوع والسجود اختيارا منه لذلك على صلاته قاعدا يومئ بالركوع والسجود فاستحق بذلك نصف أجر القاعد لا ما فوقه من أجره ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية