الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      القول في الهمز وكيف جعلا محققا ورد أو مسهلا

      أي: هذا القول في بيان أحكام الهمز، والمراد بالأحكام هو ما سيذكره في الباب من هيئة الهمزة؛ هل هي نقطة أو عين، ولونها هل هي صفراء أو حمراء، وموضعها إن لم تكن لها صورة في المصحف، وامتحان موضعها ومحلها من صورتها إن كانت لها صورة في المصحف، ولوازم تغييرها من مد وغيره، وقوله: و: "كيف جعلا" من عطف الخاص على العام؛ إذ هو داخل في الأحكام; لأنه محتل لهيئة الهمزة ولونها، وكرره مع دخوله فيما قبله اعتناء به لكثرته بالنسبة إلى غيره من أحكام الباب، وقوله: "محققا أو مسهلا" حالان من ضمير ورد العائد على الهمز، ومراده بالتسهيل التخفيف على أي وجه كان، لا التسهيل بين بين فقط، وهذا الباب يلزم مزيد الاعتناء به؛ لكونه أعظم أبواب هذا النظم تنويعا، وأكثرها تأصيلا وتفريعا، وأدقها تعليلا وتوجيها، وأحوجها بيانا وتنبيها، ثم قال:


      فضبط ما حقق بالصفراء     نقط وما سهل بالحمراء

      [ ص: 273 ] تكلم في هذا البيت على حكمين من أحكام الهمزة: أحدهما هيئتها، والثاني لونها، فأما هيئتها فذكر أنها نقط يعني مدورا كنقط الإعجام في الصورة سواء كانت محققة أو مسهلة، وسيذكر أنها تكتب عينا أيضا، وأما لونها فصفرة أو حمرة فأشار إلى أنها إن كانت محققة في اللفظ فهي في الخط صفراء اللون سواء كانت أولا نحو: أنا أو وسطا نحو: سألوا أو آخر نحو: بدأ وسواء كانت صورتها ألفا كما مثلنا أو ياء نحو: "يبدئي" أو واوا نحو: "يعبؤا"، وسواء كانت مصورة نحو ما تقدم أو غير مصورة نحو: آنية و: الأفئدة ، و: ملء ، وسواء كانت متحركة كما تقدم، أو ساكنة نحو: الرؤيا ، و: "ورءيا"، و: سؤلك ، و: نبئ ، وسواء كانت مفردة كما تقدم، أو مجتمعة مع غيرها نحو: أأسجد ، و: أآلهتنا ، و: شاء أنشره ، وأشار بقوله: "وما سهل بالحمراء" إلى أن الهمزة إن كانت مسهلة يعني مخففة في اللفظ فهي في الخط حمراء اللون، وظاهره يقتضي العموم كالذي قبله، لكن الناظم سيخصصه بعد هذا البيت بالتسهيل بين بين، وبالبدل حرفا محركا، فلا يدخل فيه المخفف بالإسقاط، ولا بالنقل ولا بالبدل حرفا ساكنا.

      "تنبيه": لم يذكر الناظم حكم حركة الهمزة، والذي عندهم أن المحققة تحرك كسائر الحروف، وأما المخففة فإن سهلت بين بين فلا تحرك؛ إذ حركتها غير خالصة، ولا فرق في عدم تحريكها بين: أأنبئكم وباب: "أإفكا"، وغيرهما على المختار المعمول به، وكذلك لا تحرك المبدلة حرف مد، وأما المبدلة حرفا محركا نحو: ليلا ، و: مؤجلا عند ورش فقيل: تحرك، وقيل: لا تحرك، والعمل على تحريكها، وقول الناظم "نقط" خبر عن قوله: "ضبط" وقوله: "بالصفراء" هو في الأصل نعت ل: "نقط" لكنه لما قدم عليه رجع حالا، "وما سهل" مبتدأ على حذف مضاف؛ أي: ونقط ما سهل، وخبره محذوف تقديره نقط، و: "بالحمراء" نعت ل: "نقط" المحذوف،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية